استبدال العملة هل يعيد الكتلة النقدية الى البنوك
سمية سيد .. تكتب
بنهاية اليوم ٣٠ ديسمبر تنتهي الملهة التي اعلنها بنك السودان المركزي لاستبدال فئتي الالف والخمسمائة جنية باوراق نقدية جديدة في ٧ ولايات بينما تبقت الفئات القديمة سارية في الولايات الغير امنة التي تنتشر فيها مليشيا الدعم السريع.
وبرغم تعقيدات عملية الاستبدال وكثير من المشكلات التي ظهرت امام المواطنيين لحظة الاستبدال والتدافع الكبير امام فروع البنوك .لكن هذه المشكلات تم التغلب علي جزء كبير منها مما يجعلنا نقول ان البنك المركزي نجح بنسبة كبيرة جدا في ادارة هذه العملية.
مع ملاحظة عدد من الشكاوى التي ظهرت منذ انطلاقة عملية استبدال العملة في العاشر من ديسمبر الحالي .لكن واضح ان الترتيبات التي قامت بها لجنة استبدال العملة برئاسة الفريق ابراهيم جابر استطاعت ان تتخطى حاجز المخاطر المتوقعة في ظل الحرب الدائرة الان مع التهديدات التي اطلقتها مليشيا الدعم السريع وتوعدها باستهداف البنوك لافشال هذه العملية.
لاشك ان استبدال الاوراق النقدية من الفئات الكبيرة كان من المشروعات المهمة والضرورية جدا بعد عمليات النهب التي طالت البنوك والشركات ومدخرات المواطنيين من اموال .وهو ما جعل كثير من خبراء الاقتصاد والمهتمين يرونها خطوة تاخرت لاكثر من عام ونصف منذ اندلاع الحرب .
التاخير في استبدال الاوراق النقدية كانت اسبابه واضحة ومعروفة .بجانب التعقيدات الفنية التي ذكرها البنك المركزي فمعلوم ان هذه العملية تحتاج الى موارد مالية ضخمة لم تكن متوفرة لخزينة الدولة التي تعرضت للافلاس جراء عمليات النهب والسرقة التي قامت بها المليشيا .
كما ان اولوية الحكومة مع بدايات الحرب العنيفة التي شنها ال دقلو كانت في كيفية توفير الاموال لشراء السلاح لخوض القوات المسلحة حربا اعد لها حميدتي منذ سنوات ، جند مئات الالف من الشباب بمرتبات اكثر من ثلاثة اضعاف مرتبات جنود القوات المسلحة ..دربهم داخل وخارج السودان وفر لهم احدث الاسلحة وكان مستعدا .
برغم ان معظم الدول التي مرت بنفس ظروف بلادنا من ازمات وحروب تعرضت عملتها الوطنية الى هزات عنيفة وتدهور كبير لكن ما حدث في السودان من سرقة ونهب للبنوك والمؤسسات والافراد لم يحدث في اي دولة اخرى ، لذلك كان لابد من اتخاذ تدابير لحماية العملة الوطنية وضبط الانفلات والاهم ان يخسر هؤلاء الاوباش ما جمعوه من اوراق نقدية مخزنة لديهم .
صحيح انه خلال العشرين شهرا استطاعت المليشيا ان تشتري دولار من السوق الاسود وقامت بتحويلات بنكية ضخمة عبر التطبيقات البنكية لدول الجوار والى دولة الامارات التي استقبلت معظم الاموال المنهوبة والذهب كذلك تشاد وجنوب السودان ودول عرب الشتات في افريقيا.كما دخل عناصرها سوق العقارات في الخارج فاشتروا الشقق والعقارات .لكن لازالت لديهم اموال طائلة مخزنة في مناطق سيطرتهم في بعض الولايات خاصة في دارفور وايضا في عدد من الدول التي تتعامل بالجنيه السوداني بجانب عملتها .لذلك نتوقع ان تكون خسارة المليشيا من عملية استبدال العملة كبيرة جدا.
بحسب التقديرات الرسمية فان حجم الكتلة النقدية خارج الجهاز المصرفي نحو ٢٠٠ ترليون جنيه تمثل ما لايقل عن ٩٠% من اجمالي حجمها الكلي .لذلك فان خطوة استبدال العملة قد تحقق جزءا من الهدف بارجاع نسبة مقدرة من الكتلة النقدية الى البنوك وان كان من المستحيل طبعا عودة كميات كبيرة من النقد المنهوب .
البنك المركزي عندما اطلق عملية استبدال الاوراق النقدية اراد ان يضبط عمليات التزوير التي انتشرت بصورة اكبر اثناء الحرب لفئتي الالف والخمسمائة جنية ..فمع استمرار الحرب واستمرار اهداف مليشيا الدعم السريع باستنزاف الاقتصاد السوداني فان عمليات التزوير لن تتوقف الا اذا كانت العملة الجديدة تحتوي على عناصر تامينية عالية المستوى بالقدر الذي يشكل حماية ضد التزييف.
عملية استبدال العملة التي قادتها الحكومة تعد بداية لتصحيح الاوضاع الاقتصادية من خلال اعادة ثقة الجمهور في البنوك وبداية عودة الكتلة النقدية للجهاز المصرفي ، ومحاولات استقرار سعر الصرف وضبط انفلات تدهور العملة الوطنية وان كانت هذه الاخيرة تحتاج الى جهود ضخمة في قطاعات اخرى مثل قطاعات الانتاج والالتفات لمشاكل الصادر وغيرها بما يزيد من ايرادات الدولة التي تراجعت بنسبة ٨٠% اثناء الحرب.