(الكويت بجانبكم) شعار رفعته دولة الكويت الشقيقة تعبيراً عن دعمها وإسنادها للمشاريع الإنسانية، كلمات الشعار وحدها تمثل سنداً معنوياً كبيراً يخفف ألم المصاب، وكما العهد بها؛ حيث تترجمت هذه العبارات في مشاريع تسهم بشكل رئيس في الاستجابة للطوارئ الصحية والغذائية والاجتماعية والتنموية.
والمتابع لعلاقة الكويت حكومةً وشعبا وجمعيات خيرية مع السودان يجدها علاقة استراتيجية راسخة وصادقة، فالكويت حاضرة بقوة وظلت أياديها ممدودة بالعطاء بلا منٍّ ولا أذى معنويٍ أو ماديٍ.
وفي ظل محنة الحرب التي نعيشها؛ توالت طائرات الجسر الكويتي الجوي والبحري تحمل الإغاثات الطبية والغذائية والإيوائية، برفقتها عدد من الشخصيات الكويتية البارزة، وبإشراف وتنسيق مباشر من د. فهد الظفيري سفير دولة الكويت بالسودان.
ويمثل مكتب صندوق إعانة المرضى الكويتي بالسودان والجمعيات الكويتية الأخرى حلقة وصل تترجم هذه العلاقة في مشاريعٍ عمَّت معظم الولايات، خفَّفت كثيراً من الآلام، وكفكفت الدموع، وآوت وداوت آلاف النازحين والمجتمعات المستضيفة، فضلاً عن المشاريع الوقائية التي مثَّلت بفضل الله حائطاً منيعاً من تفشي الأوبئة والأمراض.
وفي العشر الأواخر من ديسمبر من العام الماضي، اختتم وفد من صندوق إعانة المرضى الكويتي زيارته لولاية سنار التي بدأت فى التعافى من آثار الحرب بعد عودة اعداد كبيرة من سكانها الى ديارهم، قطع الوفد أكثر من (1300) كيلومتر ذهاباً وإياباً، من ولاية كسلا مروراً بولاية القضارف، ثم الطريق الترابي وسط قرى القضارف وتخوم ولاية سنار، ومنها عبور كبري أبو رخم، ثم كبري القويسي بالدندر، ومنها إلى مدن سنجة ومايرنو وسنار التي ترقد على ضفة النيل الأزرق.
وأتت الزيارة بهدف تفقُّد بعض المشاريع وتدشين مشروع المكافحة المتكاملة لنواقل الأمراض والعيادات الميدانية الذي يُنفذ ضمن شراكة استراتيجية بين صندوق إعانة المرضى الكويتي وجمعية العون المباشر، مستهدفاً ولاية سنار بجانب ولايات البحر الأحمر وكسلا والقضارف والجزيرة وشمال كردفان ونهر النيل.
لم يكن الطريق إلى سنار سهلاً، ولكن ما جعل الرحلة ممتعة أننا نحمل بوارق أمل يترقبها إنسان السلطنة الزرقاء بعد أن تحولت الخضرة والجمال والنور إلى جفاف وظلام ودمار، فهذا مشروع متكامل لمكافحة نواقل الأمراض وسلامة المياه، بجانب العيادات الميدانية المتنقلة، بتنسيق مع مفوضية العون الإنساني ووزارة الصحة، ويكتسب المشروعان أهميتهما من حيث الحاجة لبيئة صحية آمنة وخالية من نواقل الأمراض المختلفة، لا سيما بعد الآثار التى خلفتها الحرب ، وفصل الخريف وتبعاته، بجانب تأثر معظم المرافق الصحية وتعرضها للنهب أو الإتلاف المتعمد، فالمشروعان يمثلان الجوانب الوقائية والعلاجية وهو واجب الوقت وما يحتاجه إنسان الولاية.
و خلال لقاءاتنا بالمسؤولين، تقدموا بعبارات الشكر والثناء لعطاء الكويت المتدفق، فحديث الوالي كان زاداً ودافعاً لبذل المزيد، وهو يعدِّد بصمات صندوق إعانة المرضى الكويتي البارزة في السودان، معبَّراً عن سعادته بالزيارة ومشيراً إلى أن الصندوق يعتبر أول منظمة تتدخل بمشاريع كبيرة بولايته بعد تحريرها.
كما أعربت مفوضية العون الإنساني، عن تقديرها لدور الصندوق وجمعية العون المباشر، وقال ممثل المفوض “أنتم ساعدنا الأيمن، وأثبتت هذه الأزمة حرصكم على تقديم الخدمات الإنسانية في أصعب الظروف”.
وزارة الصحة لها شراكة ممتدة مع صندوق إعانة المرضى الكويتي، حيث أشارت ممثلة الوزارة لتدخلات الصندوق، معتبرةً أنه شريكهم الأول في مكافحة نواقل الأمراض وإصحاح البيئة، كما لم تنس مساهماته في احتواء جائحة كورونا.
وكان ختام الزيارة لقاء العمدة عبدالرحمن محمد طاهر وكيل سلطان مايرنو، في إطار لقاءات الإدارة الاهلية والتحريك المجتمعى .
الحفاوة والترحاب والكرم الذي أتحفنا به إنسان سنار أثبت أننا شعب يتجلى وقت الأزمات، ولم تتغير ثقافاته الحميدة بعوامل التعرية والتغريب الذي يسعى كثيرون لفرضه وإكراهنا عليه.
نسأل الله أن تعود هذه المشاريع بالنفع والعون المباشر على المستفيدين وأن يسهم تدافع الجمعيات لإعادة الإعمار والمساهمة في تسريع العودة الآمنة وتحسين جودة الحياة الصحية، وأن يعم الأمن والأمان ربوع سوداننا الحبيب.