*انقسام حبة الخردل** *على عسكوري* ٦ فبراير ٢٠٢٥*

 

جاء في الاخبار ان ما يسمى بجماعة تقدم قد انقسمت! هكذا…! حقيقة ازعجني الخبر لانه ينافي منطق الاشياء و ما هو معروف بداهة! مصدر انزعاجى هو صعوبة استيعاب انقسام حبة خردل! نعرف ان حب الخردل يتم سحنه ويستخرج من الزيت والتوابل والادوية التقليدية الخ، لكننا لم نسمع قط بأن حبة خردل تم تقسيمها الى نصفين لذلك ان تقسم الى نصفين فهذه جديدة كرت…!
ربما تكون هذه من خوارق ما يعرف بي تقدم وما اكثرها كما سيرد. نعلم جميعا ان جماعة تقدم هي أحد خوارق العمالة السياسية في هذا الزمن. فتقدم خارقة للعادات والتقاليد والاصول والمفاهيم والشرف، بل خارقة حتى لمعنى ان يكون الانسان انسانا له مقدار حبة خردل من ضمير! فالضمير هو الوازع الداخلى عند انسان السوى، وعندما ينزع الله منك الضمير تصبح اقل مرتبة من البهائم، فللبهائم والانعام فوائد كثيرة. نزع الله الضمير عن جماعة تقدم فاصبحوا يهللون لاغتصاب حرائر (وطنهم) ويشمتون في قتل الابرياء بالراجمات والتدوين ويفرحون لتدمير البنية التحتية للبلاد الذى مارسه و يمارسه جناحهم المسلح! مؤسسات درسوا فيها ومستشفيات تعالجوا فيها وطرق سافروا عليها ومحطات كهرباء انارت لهم ظلماتهم وما اكثرها، تخرب بجناحهم العسكرى وهم يهللون! الم اقل ان جماعة تقدم من خوارق العمالة.
والخارقة لغة هى كل ظاهرة يتجاوز تفسيرها المنطق و التفسير العلمى او كل ما علمه الناس بالتجربة وتراكم معرفتهم عن طبيعة وحقيقة الظواهر.
ورد ذكر حبة الخردل في الذكر الحكيم مرتين للاستدلال على صغر حجمها- قال تعالي في سورة لقمان: ” يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ”. وقال تعالى في سورة الانبياء:” وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا ۖ وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا ۗ وَكَفَىٰ بِنَا حَاسِبِينَ”.
ورد ذكرها ايضا على لسان السيد المسيح عليه السلام: “لو كان لكم إيمان مثل حبة خردل لكنتم تقولون لهذا الجبل: انتقل من هنا إلى هناك فينتقل، ولا يكون شيء غير ممكن لديكم.” (متى).
وان كانت حبة الخردل هي من الصغر بذلك الحجم قد يحتاج الانسان “لمايكروسكوب” او ” ماقنيفايا” ليراها، فدون شك تقدم هى حبة خردل السياسة السودانية، ولذلك فانقسامها يعتبر من خوارق العصر السياسية، و ما تنفك تقدم تتحفنا بالخوارق في السقوط الى حيث لا قاع..!

اعتقد ان كان هنالك ثمة شىء يجعلنا نغفر لتقدم ما ارتكبت في بلادنا وشعبنا من جرائم وخيانة، فهى التزامها بالشرح والتوضيح لكيفية هذا الانقسام الخردلى! فنحن شعب يحب الخوارق، و انقسامها من الخوارق الكبيرة التى اري انها مؤهلة لتدخل موسوعة جنيس للخوارق السياسية!

المضحك كما ورد في الخبر ان تقدم انقسمت بسبب تشكيل حكومة منفي! الخارقة الاخري هنا ان حبة الخردل هذه وقبل ان تنقسم لا يكفي عدد افرادها لشغل مجلس وزراء من عشرين وزيرا، دعك من اى مواقع قيادية اخري في الدولة. ولو استلمت تقدم السلطة اليوم فستكون نصف مقاعد مجلس الوزراء شاغرة، لن يجدوا احدا ليشغرها الا ان يستعينوا (بصديق) اجنبي، لانه لا يوجد بين الشعب السودانى من سيشاركها! لان مشاركة الخائن خيانة لدماء السودانيين.

في كل تاريخ الصراع السياسي في السودان وعلى تعدد المعارضات وتنوعها، لم تحول اى معارضة سياسية معارضتها لنظام الحكم الى عداوة مفتوحة مع الشعب، لكن تقدم بخوارقها استطاعت تحقيق ذلك..! وحقيقة لا اعرف اى معارضة في العالم حولت معارضتها لنظام الحكم الى عداوة مفتوحة مع الشعب الذى تزعم انها تعارض باسمه!
الآن لم تعد مشكلة تقدم مع السلطة واجهزتها، انما عداوة مباشرة ومفتوحة مع الشعب السودانى وتلك هى المشكلة الحقيقية التى تواجهها، فلأى فرد ولأى اسرة حساب مع تقدم تعمل لتسويته متى ما وجدت الى ذلك سبيلا!

كنت كغيري اسمع “بعدو الشعب” وحضرت اكثر من فيلم سينمائي يدور حول القضية، واعتبرت ذلك نسجا من خيال الكتاب والمخرجين السينمائيين ..الخ… و احمد الله ان مد في ايامي لارى ان ما اعتقدت انه محض خيال سينمائي يتحقق في جماعة تقدم. اصبحت تقدم الان عدوة للشعب اكثر بكثير من جناحها العسكري. فعساكر المليشيا مجموعة من الدهماء تقتل وتنهب وترتكب ما ترتكب من جرائم، لكن تقدم هى من خطط و نظر (بتشديد الظاء) للمليشيا ولقنها الفكرة وفتح لها الدعم الخارجي وباع لها الامانى الخلب ووعدها بالسيطرة على السلطة وبتملك منازل المواطنين وسياراتهم ومقتنياتهم وشقاء عمرهم لتصبح كلها ملكا لهم (بالقوة الجبرية). وبالفعل استوطن قادة وعساكر المليشيا بيوت المواطنين ونهبوا السيارات واخذوا المقتنيات وفعلوا ما فعلوا بالمواطنيين من قتل وارهاب واذلال وطرد..كل ذلك وتقدم صامتة تبحث عن مفاوضات مع الجيش تنتهي بأن يبقي عساكر المليشيا في بيوت الناس ويمتلكوا سياراتهم ومقنياتهم، وتعود تقدم للحكم فوق مدافع المليشيا بعقالات خليجية وبدل امريكية، ونظارات شمس طليانية وفرنسية، وقمصان (لاكوستى و رالف ليورن) واحذية اديداس وربطات عنق من (شارفت) كل ذلك فوق جماجم السودانيين واحزانهم الممتدة!
راهنت تقدم للعودة للسلطة على مليشيا مجرمة وتحالفت معها… خسرت الرهان .. الآن انتهى الدرس يا ….بي! عليكم ان تنصرفوا في خزي وعار باق..! سيكون من الخطأ الكبير ان اعتقدتم انه يمكنكم البقاء في المشهد السياسي، سيكلفكم مثل هذا التوجه الاحمق تكاليفا لا احد يستطيع ان يتنبأ بها… لقد آن لكم ان تنصرفوا في صمت وعار!

في الجزائر، فيتنام، افغانستان، العراق وغيرها كان مصير المشاركين و المتعاونين مع العدو اما القتل او الهروب. هرب عشرات الالاف من الجزائرين الذين تعاونوا مع الفرنسيين الى فرنسا، وكذلك الفيتناميين والافغان والعراقيين، هربوا الي امريكا، اما الافغان الذين تعاونوا مع الروس ابان احتلالها لبلادهم فهربوا الى روسيا. كل هذه حقائق تاريخية موثقة وموجودة لمن رغب! حدث ذلك وسيحدث، ببساطة لان المواطنين – وليس بالضرورة السلطة- لا يقبلون لمن خانهم وتسبب في قتلهم وانتهك عروض امهاتهم، اخواتهم، زوجاتهم، ونهب مقتنياتهم واحتل منازلهم ان يعيش بينهم..! هذه حقائق التاريخ ولا جديد فيها. الشعب السودانى بشر له قيم انسانية وكرامة ادمية وبالطبع ستكون ردة فعله مثل مجتمعات البشر الآخري، هذا ان تركنا جانبا عقيدتنا التى تأمرنا بالقصاص، ولنا في القصاص حياة كما اخبرنا الخالق، وكما قال الرئيس برهان لن يكون هناك عفا الله عن ما سلف هذه المرة! ولم يكن الرئيس يعبر عن رأيه انما عبر عن راي الشعب قاطبه. ذلك هو رأى الشعب فيكم فاعلموه يا آل تقدم، وانى لكم من الناصحين!نيحتي لحبة الخردل منقسمة او موحدة ولكل من تعاون مع المليشيا بالبحث عن ملجأ بعيد جدا والانزواء تماما فذلك مصير كل من خان شعبه، ولا انصحكم بالبقاء في الامارات، اثيوبيا، اوغندا، كينيا وغيرها، فهذه الدول ستقوم بتسليمكم للحكومة السودانية متى ما تبدلت المصالح واقتضت منافع الدول ذلك. لكل هذه الدول سجل حافل بتسليم المعارضين. لذلك فروا بجلدكم الى بلاد بعيدة بعد زحل عن الارض وانزوا نهائيا، تلاحقكم لعنات السودانيين الى يوم يبعثون!

ختاما انقسام حبة الخردل لا يعنى الشعب السودانى في شىء!

*هذ الارض لنا*

*نشر بأصداء سودانية ٥ – ٦ فبراير ٢٠٢٥

 

 

مقالات ذات صلة