في تطور خطير يعكس تورط حكومة جنوب السودان في النزاع الدامي بالسودان، لقي الطيار الجنوبي سامسون أوهيد مصرعه إثر غارة جوية استهدفت طائرة كينية كان يقودها أثناء تنفيذ مهمة دعم عسكري لصالح مليشيات الدعم السريع (RSF) في دارفور. الحادث، الذي وقع في مدينة نيالا، يعيد فتح ملف الدعم الخفي الذي تقدمه جوبا لقوى محددة في الصراع السوداني.
الطائرة التي كان أوهيد على متنها، تم التعاقد عليها بشكل خاص لتسليم الإمدادات إلى مدينة نيالا، وهي منطقة تقع تحت سيطرة مليشيات الدعم السريع. مصادر محلية في جوبا أكدت أن الطائرة تعرضت لقصف من طائرات حربية سودانية أثناء قيامها بتفريغ حمولتها في مطار نيالا، ما أدى إلى مقتل أوهيد وعدد آخر من أفراد الطاقم.
ويُرجّح أن القصف تم بناء على معلومات استخباراتية دقيقة أفادت بتورط الطائرة في نقل إمدادات عسكرية لصالح مليشيات الدعم السريع، وهو ما يعد انتهاكًا مباشرًا للسيادة السودانية وتدخلًا واضحًا من دولة جنوب السودان في مسار الحرب الجارية.
الطيار سامسون أوهيد لم يكن مجرد طيار مدني؛ بل كان يشغل منصب الأمين العام لرابطة الطيارين بجنوب السودان، ما يُعزز فرضية أن العملية لم تكن بمحض الصدفة أو بنية مدنية، بل تحمل أبعادًا عسكرية وتنظيمية واضحة، وتكشف عن مستوى عالٍ من التنسيق بين جوبا والميليشيات المسلحة التي تقاتل ضد الجيش السوداني.
الصمت الرسمي من حكومة سلفاكير تجاه هذه الحادثة، وتجاه العديد من التقارير التي توثق عبور الإمدادات والدعم عبر أراضي جنوب السودان، يثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن هناك سياسة ممنهجة لدعم الفوضى في السودان، بما يخدم أجندات خارجية وإقليمية معروفة.
لم تعد مشاركة جنوب السودان في الصراع السوداني محصورة في التكهنات أو الإشاعات، بل أصبحت مثبتة بشهادات الضحايا، وصور الطائرات، ومواقع الهجوم، وتوقيت الغارات. ومقتل أوهيد هو الدليل الحي على أن حكومة جوبا تجاوزت موقف الحياد، وانزلقت بوعي نحو مستنقع التورط العسكري.
من هنا، فإن المجتمع الإقليمي والدولي مطالب باتخاذ موقف حاسم تجاه هذا التدخل السافر، وفتح تحقيق عاجل لكشف مدى تورط النظام الجنوبي، ومحاسبة كل المتورطين في تغذية هذه الحرب العبثية التي يدفع ثمنها الأبرياء من شعبي السودان وجنوب السودان على حد سواء.