البحيرات دموع و الخطى صيف قائظ و برد شتاء قارس . القلب راجف و العقل مضطربا و زاهل . خبر رحيلك خنجرا أصاب خاصرة اللقاء الذى كان بيننا مرجوا .
ها أنت اليوم نهر يصب فى الأبدية معمدا بجمالك و حسن صفاتك و معشرك الطيب و أصلك الكريم حيث كنت هناك فى بونا الحنونة ظلا ظليل و دوحة غناء فى ربوعها يطيب الجلوس راحة من وعثاء الأسفار و الغربة . جلساتنا تلك دوما مزانة بإبتسامتك و ضحتك الفريدة عندما اهمس لك بشئ ما و كأنى أسمعها الآن .
أبكيك و أيامنا تلك تعيد رسمها الذاكرة أمامى و كأنى أعيشها فى الآن تخفيفا من هول المصاب .
أتصفح مساراتنا تلك و أجدك دوما فضيلة و منبع فضائل . أجدك نخلة شامخة محبة و أجدك وردة جميلة تمثل عظمة الأخوة و زهرة معطرة تنثر أريجها عطر الزمالة من غير شائبة تشوبها .
إتفقنا كثيرا و إختلفنا كثيرا و ظل نيل الود بيننا عذبا مذاقه و ضفافه تشع إخضرار . دوما الوطن فى حدقات عيونك .
كل من عرفك يا شقيق حملك فى حنايا القلب محبة و كان حضورك دوما أنيق و كنت واهبا للمسك بيننا .
علاقاتنا فى الهند كثيرة و محببة لنا و لها رونقها و عبقها الخاص و لكن تظل انت من القلائل الذين يتركون بصماتهم السامية و صدق أحاسيسهم العالية فى حقول العلاقات .
أتذكر بعضا من لحظاتنا الجميلة تلك فى كوريقان بارك قهوة قورماهيا و بيننا أكواب الشاى و كريم الرول .
جوتة كيفك أخبارك و أريت حالك زين .
ود علوية مساءك خير
و نبدأ الونسة الدقاقة و النقرشة و يعلو وجهك الصبوح بتلك الإبتسامة التى صارت عنوان لك تميزك عن بقية من عرفنا فى أرض الهند العظيمة و عجيبة . و نرتشف رشفاتنا من الشاى ( الإسبشال ) .
سألتنى ود علوية جديدك شنو ؟
قلت ليك :-
فرح و ألم
لذة و ندم
بكاء و نغم
خوف و وهم
العقل حائر
كم أقيم و كم أسافر
نحن بنو الأرض الجميلة
التيجان و الأساور
نحن بنو الأرض القبيحة
فعل الكبائر و الصغائر
نحن أبناء السموات المظلمة و المنيرة
نحن منتوج المسارات القديمة
موروث الصحائف و الدفاتر
نحن فى الآن الحديقة
نحن فى الآن الحريقة
أينما كنا و نكون هى الحقيقة
متى نمزق هذى الستائر
فإن غشتنا لحظة الموت فالنهنأ
إنه الكأس بين الناس دائر
إنه الأصل التراب
مهما إبتعدنا عنه بالحراك
الكل إليه صائر
و مهما إمتدت الأيام غياب
فى الهنيهة فينا حاضر
نكسر المزلاج و باب
تنمحى كل الشرور ترتقى فينا الشعائر
أما علمنا أن الثلج ماء
و بعض الماء بخار
و بعض الماء فاتر
و امامه الصخر مفتت و هائر
جال الصمت بيننا لحظات طوال ثم كان قولك
ود علوية قلت الموت فى الهنيهة فينا حاضر ؟؟؟!!!
قلت ليك يا جوتة راجنيش قال ( الشهيق حياة و الزفير موت )
علت ضحكتك تلك و قلت لى ( راجنيش دا بيجيبها ليك رادة )
قلت ليك كلمة رادة دى عبارة يستخدموها الزملاء يا شقيق . و ضحكنا كأن لم نضحك من قبل .
شقيقنا عادل ستبقى فى الذاكرة أشجارا لا تموت و ستبقى فى الوجدان حقولا تورق و ستبقى فى الآن مسارا مزدهرا فى حب الوطن .
اليو تترجل عن صهوة هذه الحياة يا زول يا نقى . أوانك الآن أن تستريح عائدا الى ساحل الرضى حيث نزلك و منزلك و مزمار داؤود و أحاديث الكليم و المسيح و جبريل الملائكة حيث سدرة منتهاك . هناك حبيبك محمد و مقعد الصدق عند الإله .
محزونون لفراقك يا عادل ( جوتة ) كما يحلو لنا دوما أن نناديك . مكلومون لرحيلك و عزائنا سيرتك البهية سيرتك الناصعة و المضيئة