كتبت: علوية مختار
يعيش نحو خمسة آلاف سوداني، إلى جانب أجانب آخرين من تجار ومعدنيين، أوضاعًا مأساوية في منطقة المثلث على حدود السودان مع دولتي مصر وليبيا، حيث يواجهون خطر الموت عطشًا بعد أن عبست بمناطقتهم ميليشيا الدعم السريع بمساندة ميليشيات حفتر الليبية، فقتلت ونهبت وشردت من تبقى منهم في الصحراء.
على الحدود السودانية المصرية بشرق العوينات، كانت السلطات المصرية حاضرة حيث جهزت مركزين لإيواء الفارين من بطش الدعم السريع قبل أن تعمل على إرجاعهم إلى داخل السودان بالتنسيق مع السلطات السودانية.
ووفقًا لمفوضية العون الإنساني بالولاية الشمالية، فإن هناك نحو خمسة آلاف لجأوا إلى الحدود المصرية من منطقة المثلث، بينهم أجانب، بينما فر آخرون إلى داخل الحدود الليبية.
كارثة إنسانية
كان أبو عبدالرحمن واحدًا من الناجين من بطش الدعم السريع بمنطقة المثلث، وصل قبل ثلاثة أيام إلى منطقة أرقين شمالي السودان بعد رحلة شاقة ومعاناة مع العطش كادت أن تودي بحياته، أسوة بآخرين قال إنهم ماتوا عطشًا في عرض الصحراء.
يقول أبو عبدالرحمن لـ(السوداني): “ما تم في المثلث يدمي القلب، فقد شهدنا عمليات القتل والتشريد والفساد التي قامت بها مليشيات الدعم السريع وحفتر؛ عند دخولهم للمثلث، ولم يكن أمامنا خيار سوى الهروب من بطشهم واللجوء إلى الجارة مصر في ظرف إنساني قاسٍ، واجهنا خلاله خطر الموت عطشًا في الصحراء تحت لسعات الشمس الحارقة”. وأشار إلى أن السلطات المصرية عملت على إيوائهم بمركزين شرق جبل العوينات قبل أن تبعدهم.
وأضاف: “كنت ضمن ألفين أنقذتهم السلطات المصرية وأعادتهم إلى السودان على مجموعتين لنصل إلى بر الأمان بعد رحلة استغرقت ثلاثة أيام”.
وعكس أبو عبدالرحمن أوضاعًا مأساوية لرفقائه، حيث أكد أنهم يتعرضون لخطر الموت عطشًا في الصحراء، وبعضهم وصل حد الإغماء، وناشد الحكومة السودانية والجيش ومنظمات المجتمع المدني المحلي والدولي لإنقاذهم.
بينما أكد محمد “معدن ناج” أنه نجا بحياته بعد أن سلب الدعم السريع كل ممتلكاته، وقال لـ(السوداني) بصوت مليء بالحزن: “لم يتركوا لنا شيئًا، حتى إنني خرجت بما أرتديه فقط”.
المفوضية تتحرك
من جانبها، أكدت مفوضية العون الإنساني بالولاية الشمالية إعادة نحو “٢٩٢٦” من النازحين من منطقة المثلث من أصل خمسة آلاف لجأوا إلى داخل حدود مصر، وأكدت أن المبعدين يتم استقبالهم في حلفا وضيافتهم، ومن ثم نقلهم إلى مراكز إيواء بمدينة دنقلا تمهيدًا لنقلهم إلى مناطقهم المختلفة. وأكدت أن من بين المبعدين مسنين وأطفالًا وأسرًا، وأشارت إلى استقبال الولاية لـ”٤٣” طفلاً مع ذويهم.
وقالت المفوضية في إفادة لـ(السوداني) إن أقرب نقطة للمبعدين كانت مصر التي أكرمتهم قبل أن تعيدهم للبلاد وتسلمهم للجيش السوداني الذي بدوره تحمل عبء نقلهم إلى داخل الحدود السودانية. وأشارت إلى اكتمال الترتيبات الفنية والقانونية والطبية والإجرائية لإيصال المبعدين إلى مناطقهم. وذكرت المفوضية أن هناك توجيهات من والي الشمالية لاستنفار جهود شركاء العمل الإنساني لاستضافة وترحيل المبعدين، وناشدت المفوضية توسيع دائرة المشاركة من المنظمات والداعمين والمانحين الوطنيين والدوليين.
أشرعة الأمل
وعمليًا بدأت منظمة أشرعة الأمل في مد يد العون عبر توفير كميات من مياه الشرب الصحية للمبعدين، بجانب إطلاق العيادات المجانية. وقال رئيس المنظمة عادل اليمني لـ(السوداني): “استجابة لنداء مفوضية العون الإنساني، سارعنا في منظمة أشرعة الأمل بالتعاون مع منظمة تنظيم الأسرة في تقديم يد العون للنازحين قسرًا من منطقة المثلث”. وأكد أنهم يعيشون أوضاعًا إنسانية مأساوية تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة الكريمة.
وأضاف: “وقفنا ميدانيًا على أوضاعهم، فبعد أن تركوا مناطقهم وجدوا أنفسهم في بيئة قاسية بلا ماء أو خدمات طبية”. وقال اليمني إن المنظمة حددت الأولويات بعد التنسيق مع الجهات الأمنية وأصحاب المصلحة في المنطقة، لتعمل بعدها في تقديم مساعدات إنسانية عاجلة متقذة للحياة تمثلت في توفير مياه الشرب، بجانب التنسيق مع منظمة تنظيم الأسرة لإطلاق عيادات متنقلة تهدف إلى تقديم خدمات الرعاية الصحية الأولية، بجانب تفعيل تدخل طبي عاجل يستهدف الحالات الطارئة.