من المؤسف أن مقال الأستاذ الطاهر ساتي الأخير، الذي يحمل عنوان “مسار الفتن”، قد تحوّل إلى هجوم شخصي مبتذل على السيد محمد سيد أحمد الجاكومي. وعلى الرغم من إدراكنا أن الأستاذ الطاهر ليس صحفيًا محايدًا، بل يشغل منصب مستشار إعلامي في الغرفة الإعلامية التابعة للسيد مناوي وحركته القبلية، إلا أننا لم نتوقع منه هذا الانحدار في التهجم والإسفاف، متخليا عن مناقشة القضايا الجوهرية ليغوص في مجادلات شخصية لا تخدم المصلحة الوطنية العليا.
والمثير للدهشة أن الأستاذ ساتي، وهو ابن الولاية الشمالية، لم يُعرف عنه أي نشاط ملموس في الدفاع عن قضايا أهله أو تنظيم صفوفهم، بالرغم من التهميش المزمن الذي تعانيه مناطق الشمال. وهذا التناقض الصارخ يثير تساؤلات مشروعة حول دوافعه الحقيقية؛ إذ تجده دائما يركز بشكل مكثف على ملفات دارفور وحركاتها القبلية، مدعيًا أن ذلك ينبع من منطلقات قومية، بينما نعلم جميعًا أنه بعيد كل البعد عن ذلك، فراعي الضان في الخلاء يعلم ان هذه الحركات لا تمثل كل السودان، ولا حتى إقليم دارفور، بل تتحكم فيها قبيلة معينة، بل بطن بيت محدد في القبيلة. فعن أي منطلقات قومية يتحدث ساتي؟
يعلم كل العارفين ببواطن الوسط الصحفي أن الطاهر ساتي “مقاول” قضايا مخضرم. لذلك هجومه الشخصي على الجاكومي يأتي مدفوعًا من بعض قادة الحركات الدارفورية، مما يكشف عن ضعف الحجج المنطقية لديهم. فبدلاً من تقديم إجابات للقضايا العامة التي يطرحها الجاكومي وآخرون، تلجأ هذه الجهات إلى التهجم على الأشخاص وصناعة معارك هامشية لا طائل منها.
أما الهجوم على نيّة الجاكومي بتجنيد شباب الشمالية ونهر النيل في معسكرات بإريتريا، فيعكس ازدواجية المعايير لدى الطاهر ساتي وجوقته من صحفيي السيد مناوي. فالجاكومي ليس أول من يلجأ إلى هذا الخيار؛ بل إن السيد مناوي نفسه قد تلقى دعمًا إريتريا، ولديه معسكر تدريب ثابت فيها خرج منه دفعتين حتى الان، فلماذا يرفض الطاهر ساتي التدريب والمساعدات العسكرية للشمالية ويغض الطرف عنها لمناوي واخرين؟!
ختامًا، على الطاهر ساتي بصفته المستشار الإعلامي للسيد مناوي، أن يرتقي بالخطاب العام ويتوقف عن الانزلاق في مستنقع التجاذبات الشخصية. فالمرحلة الراهنة تتطلب من الجميع توجيه الجهود نحو القضايا الجوهرية التي تهم الوطن والمواطن، بدلاً من الانشغال بالمعارك الشخصية وصناعة الفتن مقابل منافع ذاتية ضيقة.