:: سألوا أحدهم عن اسم فرسه، ولم يكن للفرس اسماً، فاحتار صاحبنا وفكّر مليّاً ثم نهض وذهب إلى الأسطبل وفقأ عين الفرس، ثم عاد وأجاب على السائل مٌباهياً : ( اسمه الأعور)، وهكذا تقريباً لسان حال دولة رئيس الوزراء عندما تصدر ما أسمته بقرار إخضاع شركات القطاع العام والتي تساهم فيها الحكومة لإشراف وزارة المالية مالياً و إدارياً، وإنشاء وحدة وظيفية جديدة بوزارة المالية لتكون مسؤولة عن هذا الإشراف، و..و..و.. لا معنى ولا جدوى للقرار والوحدة الجديدة ما لم يكن القصد المباهاة بهما ..!!
:: فالشاهد، من قديم الزمان، بالبلد قوانين ولوائح وآليات تُخضع شركات القطاع العام – والتي تساهم فيها الحكومة – للرقابة الحكومية، ولكن للأسف هي قوانين ولوائح وآليات (مُجمّدة و مُحنطة)، وكان الأجدى تفعيلها وتنفيذها بدلاً عن هذا القرار المراد به : ( أنا قررت)، أي أنا موجود، وليس هناك ما يمنع إثبات الوجود، ولكن فليكن وجوداً عملياً وفعلياً، وليس نظرياً في شكل توجيهات و قرارات كهذا.. وعلى كل، هناك نص قانوني يُلزم أي شركة للشعب فيها من الأسهم (20%) أوأكثر، بإخضاع حسابتها للمراجع العام..!!
:: فالأجدى تفعيل القانون ليُخضع شركات الشعب للمراجعة والمراقبة والمحاسبة..وعليه، فليكن الفعل إحياء ديوان المراجع العام، وقد مات هذا الديوان منذ 19 ديسبمبر 2019.. نعم، لقد ضاعت هيبة المراجع العام، واختفت تقاريره منذ عام النكبة وحتى عامنا هذا.. وحتى المسمى بتصحيح المسار لم يُصحح مسار المراجع العام.. فالتقارير، إن وُجدت، فهي مخبوءة في أدراج العسكر ونُشطاء تلك المرحلة..علماً في العهد المسمى بالبائد، فإن أكتوبر من كل عام كان موعد عرض تقارير المراجع العام للرأي العام عبر البرلمان و الاعلام ..!!
:: وعليه، يجب إحياء المراجع العام، ليراجع شركات الحكومة والتي تساهم فيها، وبعد مراجعتها يجب التخلص منها ومن الأسهم التي تساهم بها.. فالشاهد أن السواد الأعظم من مراتع الفساد المُسمّاة بالشركات الحكومية ما هي بشركات ذات تأثير إيجابي في خزينة الدولة، بل هي محض ضيعة يرتع فيها البعض بغير رقيب و حساب .. منذ عهد البشير، يرفضون التخلُّص منها، ويضربون بقرارات التخلُّص عرض الحائط، وسنوياً كان البشير يصدر قراراً – أو أكثر – بالتخلُّص من هذه الأوكار، ولا يُنفذ.!!
:: وفي عهد حمدوك، أعلن محمد الغالي رئيس لجنة حصر ومُراجعة الشركات الحكومية، أعلن عن توجه الحكومة لتصفية (105 شركات) من أصل (431 شركة)، لعدم توريد أرباحها في خزانة الدولة، وقال بالنص: ( 80% من الشركات الحكومية لا تدعم الخزينة العامة)، ولم ينفذوا وعيدهم .. هكذا حال الشركات التابعة لأجهزة الدولة المدنية، رؤوس أموالها مجهولة، كذلك أرباحها..وعندما فشل حمدوك و الأربعين ناشط في معرفة تفاصيل هذه الشركات والتخلص منها، فعِوَضَاً عن الاعتراف بالفشل، انشغلوا بالحديث عن شركات الجيش..!!
:: نعم، شغلوا الناس بشركات الجيش، بيد أن الشركات المدنية كانت تحت أقدامهم مجهولة الأنشطة والأموال.. كانوا يسعون لوضع أيديهم على شركات الجيش، ليس لتطويرها و لا للإصلاح الإقتصادي كما كانوا يزعمون، بل ليدمروها كما فعلوا بشركة ميكو للدواجن والمئات من الشركات والمصانع والمشاريع التي صادروها لتدميرها و نهبها وإبتزاز أصحابها..شركة ميكو للدواجن كانت تنتج (65 %) من إستهلاك الخرطوم، فصادرها رجل الظل باللجنة بابكر فيصل، و سلمها لجوكي المرحلة صلاح مناع، و الذي جاء بعديله سامي بله مديراً، فدمرها بحيث لم تكن تنتج الشركة ( 10%) حين هربوا عقب 25 أكتوبر ..!!