سجل الجنيه السوداني خلال الأيام الماضية من شهر يونيو تراجعات كبيرة و مقلقة فى مقابل العملات الأجنبية، تحديدا فى تعاملات السوق الموازي ، حيث سجل ارتفاعات كبيرة و مزعجة وفقا لتداول المتعاملين فى سوق العملات الأجنبية… فيما سجلت أسعار صرف الدولار في بعض البنوك تفاوتا و فوارق كبيرة ،، حيث كانت الأسعار المصرفية المعلنة لسعر صرف الدولار فى بعض البنوك متباينة ، و بهذا تكون قد اقتربت أسعار البنوك لسعر صرف الدولار فى السوق الموازي، الذي وصل حوالي أكثر من ٢٨٥٢ جنيه سوداني خلال الأيام الماضية .. و هذا التراجع في سعر صرف الجنيه السوداني مقابل الدولار الأمريكي و غيره من العملات الاجنبيه ، هو أحد آثار الحرب المندلعة فى السودان منذ ١٥ أبريل ٢٠٢٣. حيث ادت هذه الحرب العنيفة إلى تدهور كبير فى قطاعات الإنتاج الحقيقية سواء الصناعي، الذي بلغت خسائرة و تعطلت أكثر من 70٪ مصانعة، و كذلك القطاع الزراعي الذي تعطلت كثير من مشروعاتة، مما دفع بتعويض نقص الإنتاج المحلي باستيراد السلع الضرورية و الأساسية للمواطنين من الخارج ، و هذا ما دفع بزيادة الطلب على النقد الأجنبي لمقابلة احتياجات هذا الاستيراد الملح، و الضروري…
هذا التراجع فى قيمة الجنيه السوداني مؤخرا ، ينظر له باعتبارة كمؤشر لدخول الاقتصاد السوداني مرحلة غير مستقرة فى المدى القريب، الذي بدأت ملامحة تتمظهر فى الراهن اللحظي من ارتفاع في المستوى العام للأسعار الذي وصل نحو أكثر من ٣٠٠٪ ، و ظهور ظاهرة الندرة للعديد من السلع ، و سيستمر هذا التراجع مستقبلا، و من المتوقع قريبا، ان يتخطى سعر صرف الدولار الثلاث الف جنيه سوداني خلال الساعات القادمة….
علي بنك السودان المركزي ان يتدخل و اتخاذ حزمة إجراءات و تدابير لمعالجة هذا التدهور المريع ، بالتحكم في حجم الكتلة النقدية، الا فإن الانهيار الكامل للاقتصاد السوداني المتوقع فى المدي القصير ان يتحقق….
كذلك ينبغي على القيادة السياسية أن وجدت، و مافي حكمهم أن تلعب دورا متعاطما فى وقف نزيف و استنزاف هذه الحرب المدمرة باي كلفة ، التي لاشك ستؤثر بالمزيد من التدهور فى أداء المؤشرات الاقتصادية الكلية و ذلك من خلال المزيد من الصرف الحكومي على الحرب . فى ظل تراجع و انخفاض أداء الإيرادات العامة، مما يدفع قطعا بارتفاع معدلات التضخم فى المدى القريب ناهيك عن البعيد ، و التي حتما ستؤدي الى المزيد من التدهور فى قيمة العملة الوطنية….
النظر في الحرب و تداعياتها الاقتصادية و المعيشية و الكلفة الإنسانية الباهظة واجب كل وطني غيور على مستقبل السودان و نهضتة..
د. على الله عبدالرازق على الله..
خبير مالي و اقتصادي و اكاديمي..