*السودان بعد الحرب: العلاقات الخارجية بوابة الاقتصاد وإعادة الإعمار* *أحمد الدفينة*

في ظل الأوضاع الإستثنائية التي يمر بها السودان بعد الحرب، تتجه الأنظار إلى الدور الحاسم الذي يمكن أن تلعبه السياسة الخارجية في إنعاش الاقتصاد الوطني، وتحقيق الاستقرار، وقيادة جهود إعادة الإعمار. فالسودان الذي يواجه تحديات عميقة على المستويات كافة، بحاجة إلى مقاربة جديدة في إدارة علاقات دولية تقوم على المصالح المتبادلة والانفتاح المتوازن.

*التحول في فلسفة السياسة الخارجية*
مرحلة ما بعد الحرب تفرض على السودان الانتقال من سياسة ردود الفعل إلى سياسة المبادرة. المطلوب هو دبلوماسية نشطة تستند إلى رؤية وطنية واضحة، تضع المصالح الاقتصادية في صدارة أولوياتها دون التفريط في السيادة أو الانجراف نحو الاستقطاب.
هذا التحول يقتضي أن تكون العلاقات الخارجية أداة لدعم الاستقرار الداخلي، وجذب الاستثمارات، وتحقيق تنمية مستدامة في مختلف القطاعات، لا سيما الزراعة، الطاقة، والبنية التحتية.

*الشراكات الإقليمية والدولية كمدخل للتنمية*
يمتلك السودان رصيدا تاريخيا من العلاقات مع عدد من القوى الإقليمية والدولية، لا سيما في المحيط العربي والإفريقي. هذه العلاقات إذا ما أعيد توظيفها بذكاء سياسي، يمكن أن تسهم في فتح آفاق جديدة أمام الاقتصاد السوداني من خلال:
• الاستثمار المشترك في مشاريع تنموية طويلة الأجل.
• دعم تقني وفني من الدول ذات الخبرة في مجالات الإعمار والتحديث.
• تسهيل الوصول إلى الأسواق الإقليمية والدولية.
• تفعيل أدوار المنظمات المالية الدولية في دعم خطط التعافي الاقتصادي.

*الدبلوماسية الاقتصادية كضرورة وطنية*
في الظروف الحالية لم تعد السياسة الخارجية مجرد أداة لتعزيز الصورة أو كسب الدعم السياسي بل تحولت إلى ضرورة اقتصادية، فالدبلوماسية الناجحة هي التي تستطيع فتح قنوات التمويل، واستقطاب المشاريع، وبناء الثقة مع المانحين والمستثمرين.
وتتطلب هذه المقاربة الحديثة وجود رؤية اقتصادية واضحة تقدم السودان للعالم كشريك فاعل، وقادر على النهوض، لا كعبء يتطلب المساعدة فقط.

*إعادة الإعمار… مهمة مشتركة*
إعادة إعمار السودان ليست مسؤولية داخلية فحسب، بل هي مهمة تتطلب شراكة دولية حقيقية، تقوم على مبدأ المسؤولية المشتركة. وعلى الحكومة أن تعمل على توفير البيئة المناسبة لتلك الشراكة من خلال:
• إصلاحات قانونية وإدارية لتعزيز الشفافية.
• تحسين مناخ الاستثمار.
• الانفتاح على المبادرات الإقليمية والدولية دون أحكام مسبقة.

*خاتمة*
يقف السودان اليوم على أعتاب مرحلة جديدة تتطلب إعادة تعريف أدواره الخارجية، وتطوير أدواته الدبلوماسية لخدمة قضاياه الداخلية. فالرهان على العلاقات الخارجية إذا ما تم ضمن استراتيجية وطنية متكاملة يمكن أن يُحدث نقلة نوعية في المسار الاقتصادي، ويمهد الطريق لإعادة البناء على أسس سليمة ومستدامة.

*م. أحمد الدفينة*
*رئيس قوى الوفاق الوطني (وطن)*
*21 يوليو 2025م*

مقالات ذات صلة