فخامة الرئيس البرهان رئيس مجلس السيادة، ومعالي رئيس الوزراء د. كامل ادريس، تعلمون أن الشعب الصيني شعب عصامي بني نفسه بنفسه ،- وانتقل من الفاقة الإقتصادية والفساد الإداري والأخلاقي إلى الرفاه الإقتصادي، وهذا لم يحدث بالشيوعية كفكر ولكن بعبقرية قيادته السياسية والفكرية وبتوفر الإرادة السياسية، من لدن ماو تسي تونج و….الي الرئيس شي جين بينغ .
ابتدر ماو أولا عملية عسكرة الشعب مما سهل عليه عملية الإنضباط ومحاربة الفساد والضبط الإداري و الأخلاقي، مستعينا بقوانين صارمة وإرادة سياسية كبرى لتطبيق القانون – وايقاف اي نوع من الفوضي السياسية ، واغلاق باب الترف السياسي الذى يعيق عملية النمو والنهوض – لا ديمقراطية خارج إطار الحزب وتشكيلاته المختلفة، عدم التهاون مع أي عميل أو خائن للوطن، من أقل مواطن وحتى علي مستوي القيادات العليا في الحزب .
فبدأت الدولة بالتعافي في جميع مناحي الحياة، ومن أتي من القادة السياسيين بعد ماو ، اطلقوا مبادرات النهضة الصناعية – مع تمسكهم بالحزب الشيوعي الإ انهم جنحوا نحو الإقتصاد المختلط والصرف الكبير علي التعليم والتعلم والتدريب المهني والتقني والتقاني لحشد أكبر عدد من الخبرات التراكمية والمهارات العالية والكثيفة مما حفز الإبتكار وساهم في تسهيل عمليات النهضة الكبري.
تعلمون أن الصينيين لهم مودة وعاطفة تجاه شعب السودان نتجت من اعتزازهم بالشعب الذي قتل الطاغية والسفاك غردون باشا – دا سر المحبة -، غردون باشا كان من اسوأ الحكام في الصين في فترة الإستعمار الإنجليزي للصين، فكل الشعب الصيني يكره السفاح غردون باشا عبر الحقب التاريخية بعد حرب الإستقلال، فمعرفة التاريخ من اسباب النهضة الإستراتيجية للامم .
حضرت مؤتمرا عالميا للسياحة في شنغهاي عام 2014م ، قبل بداية جلسات المؤتمر تم عرض استراتيجية الحزام وطريق الحرير، وعرض مشروع خطط سكك حديد من الصين الي لندن يمر عبر الغالبية من الدول الأوروبية ، وخط سكة حديد آخر من الصين الي مكة وفق برنامج طريق الحرير – وهو طريق الحج القديم وكان يسمي طريق الحرير – ومن هنا أتى الأسم – وما هو إلا إستراتيجية تجارية للتفوق الإقتصادي .
في أواخر أيام الإنقاذ سعت الامارات-وكيل الصهيونية العالمية – للسيطرة علي تشغيل ميناء بورتسودان بايجار الميناء لمدة طويلة لايقاف مشروع طريق سكك حديد بورتسودان داكار عبر ادري ، والذي انتهت دراسته الفنية والإقتصادية. الصين تصدر للعالم اكثر من 50 مليون سائح سنويا – منضبطين كالساعة وفق إتفاقيات سياحية مع الدول ويعتبر السائح الصيني من أكثر السياح انضباطا بالأسس واللوائح المنظمة للسياحة – التي وضعتها المنظمة العالمية للسياحة – .
قبل بداية المؤتمر وقعت إتفاقية للتبادل السياحي والتدريب والتاهيل، وقعها من الجانب الصيني وزير التجارة – الذي كان وزير خارجية سابق- بحضور السفير عمر عيسي سفير السودان في الصين، وبعرضي لحضارة السودان، إندهش الوزير الصيني لمعرفته لمعلومات جديدة عن الأرث الثقافي والحضاري للسودان والعلة في ضعف تعريفنا المؤسسي بالسودان، لاحقا يبدو أن ان ثمرة الإتفاقية قطفتها جهات معينة لإسباب ثقافية- .
عدد السياح الصينيين الي سوريا مثلا تجاوز 2 مليون سايح – في ذلك الوقت ، لو قدر أن كسب السودان مليون واحد لحقق عندها مليار دولار سنويا، ومن خلال صدق التواصل مع الصين يمكن أن يرتفع التواصل الى 10 مليون سائح خلال خمس سنوات، لأن كل شي هناك.
الغريب والعجيب ان ثورة ديسمبر اكملت إغلاق باب السياحة نهائيا بدمج السياحة مع الإعلام والثقافة وأصبح جميع موظفي وزارة السياحة في إجازة مفتوحة بمرتب عدا الوكيل الذي أصبح موظفا مع وكيل وزارة الثقافة والإعلام والسياحة، لتكتمل عملية الحصار الفكري والافقار الاقتصادي والتردي، ويبدو انهم كانوا مكلفين بعملية صناعة التبلد وخلق جمود في الوعي والوجدان السليم في بلادنا.
الانقاذ كانت محاصرة حصارا اقتصاديا من قبل امريكا، وبناء عليه فرضت عقوبات إقتصادية على السودان وأوقفت التعاملات المصرفية – البنك الدولي وصندوق النقد الدولي- وفرضت عقوبات مالية وإدارية لإي بنك يتعامل بالمنح والقروض مع حكومة السودان. لكن تمكنت حكومة الإنقاذ من كسر طوق الحصار الاقتصادي بالاتجاه شرقا نحو الصين والهند، ونجحت في استخراج النفط والغاز، وحررت نفسها عسكريا بتطوير الصناعات الدفاعية، وتمكنت من النمو الاقتصادي في ٢٥ عاما – استخرجت النفط ومزقت فاتورة القمح واكتفت ذاتيا من المنتجات الزراعية وشرعت في التصدير وتطورت. في مجال الصناعات الدفاعية . اصبح الحصار الاقتصادي فعالا في عام ٢٠١٣م بتفعيل دول الخليج – الامارات والسعودية – لأجندة الحصار الاقتصادي الغربي إستجابة لضغوطات أمريكية، للأسف تزامن دخول دول الخليج في منظومة المقاطعة الإقتصادية مع بدايات إستجابة السودان لتطبيق حزمة سياسات البنك الدولي وصندوق النقدي الدولي طمعا في إعفاء الديون ، وأملا في حوافز توقيع اتفاقية السلام الشامل – التي أفضت لاحقا لانفصال جنوب السودان وتشكيل دولة مستقلة كخطوة أولى في إنفاذ خطة برناند لويس لتقسيم السودان -، تزامن ذلك أيضا مع تفعيل دور المحفل الماسوني المتمكن من عصب السياسة السودانية والنخب الثقافية – أنشأ ونجت باشا سردار وحاكم عام السودان المحفل الماسوني في بدايات القرن الماضي كجمعية خيرية أدخل بها الرموز الطائفية الحزبية ورموز القبائل والمجتمع ، وحدثت الانتكاسة، بإكمال التنسيق بين المكونات الحزبية الماسونية والمخابرات الغربية وعملاء ها في دول الإقليم، بعد تمزيق فاتورة القمح والاكتفاء الذاتي من المنتجات الزراعية والتطور كبير في مجال الصناعات الدفاعية.
الاتجاه الي الصين ليس فقط من اجل الاستثمار ولكن من اجل المهارة وتوفر الخبرات المهارية المتعددة .
تبقي الإشكالية في ضوابطنا نحن للاستثمار واستراتيجيته لبناء دولة المستقبل ،وإبعاد الفاسدين من ملف الاستثمارات ،ورهن الاتفاقيات باجازة البرلمان ومجلس الوزراء- في حالة عدم وجود برلمان، يجاز المشروع باجتماع مشترك بين مجلس السيادة ومجلس الوزراء- .
د. محمد عبد الكريم الهد
9 /2025/8/م