*حد القول* *بقلم: حسن السر* *أطفال السودان … مستقبلٌ يستغيث*

يُعد الطفل أساس المستقبل وركيزة التنمية، لذلك جاءت قوانين حماية الطفل لتؤكد على حقه في الحياة الكريمة، التعليم، الصحة، والأمن. وفي السودان، تزداد أهمية هذه القوانين في ظل الظروف الصعبة التي فرضتها الحرب، حيث أصبح الأطفال أكثر الفئات عرضةً للخطر والانتهاك.

اهتمام الإسلام بحقوق الطفل
لم يغفل الدين الإسلامي عن مكانة الطفل وحقوقه، بل جعلها جزءًا أصيلًا من التشريع والرحمة الإلهية. فقد قال الله تعالى:

– ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ﴾ [الإسراء: 31]، تأكيدًا على حق الطفل في الحياة والأمان.
– ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا﴾ [التحريم: 6]، دعوة لحماية الأسرة والأبناء من الضياع والانحراف.
– ﴿وَالْوَالِدَانِ يُرْزِقَانِهِمَا وَكِسْوَتُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: 233]، إشارة إلى واجب النفقة والرعاية.

كما أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بالرحمة والرفق بالأطفال، فقال:
– “ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا” (رواه الترمذي).
– وحث على تعليمهم منذ الصغر، فقال: “مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع” (رواه أبو داود).

هذه النصوص تؤكد أن الإسلام جعل حماية الطفل وتعليمه مسؤولية شرعية وأخلاقية، وأن أي تقصير في ذلك يُعد تفريطًا في الأمانة التي حمّلها الله للوالدين والمجتمع.

دور وزارة الصحة الاتحادية خلال فترة الحرب
جعلت وزارة الصحة الاتحادية صحة الأطفال أولوية قصوى، ووضعتها ضمن المحاور الأساسية لخطة الاستجابة الإنسانية. واليوم، ومع بداية مرحلة التعافي، تواصل الوزارة جهودها لضمان وصول الخدمات الصحية للأطفال، من التطعيمات الأساسية إلى الرعاية النفسية والدعم الغذائي، إدراكًا منها أن حماية صحة الطفل هي حماية لمستقبل الوطن.

دور وزارة التربية والتعليم
رغم التحديات، اجتهدت الوزارة في استمرار العملية التعليمية في البلاد، وتحمل التلاميذ والطلاب ضغط تقليص العام الدراسي، لكن كان لا بد أن يستمر التعليم مهما كانت الظروف.
ولم يقتصر دور الوزارة على فتح المدارس فحسب، بل شمل أيضًا:
– إطلاق مبادرات التعليم البديل عبر الفصول المؤقتة والمراكز المجتمعية في مناطق النزوح.
– توفير المناهج الرقمية والمطبوعة لضمان وصول التعليم للأطفال في المناطق التي يصعب فيها الانتظام المدرسي.
– برامج تدريب المعلمين على أساليب التعليم في ظروف الطوارئ، بما في ذلك الدعم النفسي والاجتماعي للتلاميذ.
– التعاون مع المنظمات الدولية مثل اليونيسف لتوفير الحقائب المدرسية والوجبات الغذائية، مما يشجع الأطفال على العودة إلى مقاعد الدراسة.
– التركيز على الفتيات لضمان عدم تسربهن من التعليم، خاصة في المناطق الريفية والمتأثرة بالنزاعات.

ظاهرة أطفال الشوارع
من أبرز التحديات التي تواجه المجتمع السوداني اليوم هي ظاهرة أطفال الشوارع. شوارع أم درمان وغيرها من المدن السودانية باتت مكتظة بأطفال حفاة، جائعين، بلا مأوى، وبعضهم وقع في فخ التعاطي. هذه الظاهرة تمثل “قنبلة موقوتة” تهدد الأمن الاجتماعي، وتستدعي وضع خطة عاجلة لاحتوائها عبر:
– إنشاء مراكز إيواء ورعاية متكاملة.
– برامج إعادة التأهيل النفسي والاجتماعي.
– دمج الأطفال في التعليم النظامي والأنشطة المجتمعية.
– حملات توعية للأسر والمجتمع حول خطورة الظاهرة.

الحقوق الأساسية للأطفال
وفقًا للقانون والمواثيق الدولية، يتمتع الأطفال بحقوق غير قابلة للتصرف، أهمها:
– الحق في التعليم: ضمان مقعد دراسي لكل طفل.
– الحق في الصحة: توفير الرعاية الطبية والوقائية.
– الحق في الأمن والسلام: حماية الأطفال من العنف والاستغلال.
– الحق في النمو السليم: بيئة آمنة تتيح لهم تحقيق إمكاناتهم.

دور المنظمات الدولية
لا يمكن إغفال دور منظمة اليونيسف التي قدمت دعمًا كبيرًا لأطفال السودان في مجالات الصحة، التعليم، والمياه. ومع ذلك، يبقى العالم صامتًا أمام معاناة آلاف الأطفال السودانيين، وهو صمت يحتاج إلى كسر عبر تضامن دولي حقيقي يضع حماية الطفل في السودان ضمن أولويات العمل الإنساني.

آخر القول
إن حماية أطفال السودان ليست مجرد واجب قانوني أو إنساني، بل هي مسؤولية وطنية ودينية ودولية. فالأطفال هم مستقبل البلاد، وأي تقصير في رعايتهم اليوم سيُترجم إلى أزمات أكبر غدًا. المطلوب الآن هو خطة شاملة تتكامل فيها جهود الدولة والمجتمع والمنظمات الدولية، مدعومة بروح الدين الإسلامي الذي جعل رعاية الطفل عبادة وواجبًا، لضمان أن ينعم أطفال السودان بحقوقهم كاملة في التعليم، الصحة، الأمن، والسلام.

كسرة
لسان حال أطفال الشوارع يقول:
مشتاق أشوف أبويـة
ويُمّة اللذيذ نغيمة
فالليل تضوي قمرة
ولي شمسي تبقى قيمة
شماسي كلمة جارحة
أبشع من الشتيمة

مقالات ذات صلة

Optimized by Optimole