*الحلقة الاولي في ذكرى رحيل الازهري بقلم : عبدالله الشريف عبدالرحمن الهندي*

بسم الله الرحمن الرحيم
_________________
الحلقة الاولي في ذكرى رحيل الازهري
بقلم : عبدالله الشريف عبدالرحمن الهندي
_________________
الاشقاء الاتحاديون، دعوني في هذا اليوم السادس والعشرين من اغسطس 2020 الذي يصادف الذكرى الواحد والخمسين لرحيل الزعيم الخالد البطل لابس بدلة الدمور الرئيس الجليل الشهيد إسماعيل الازهرى اخاطب عبركم شباب اليوم واليافعين من ابنائنا الذين صنعوا الثورة المجيدة السلمية معرضون صدورهم العارية لنيران الرصاص الحي من اجل الحرية والعدالة والسلام والديمقراطية فهي ذاتها وعينها ونفسها ما ظل يعمل ويناضل ويضحي من اجلها الزعيم الازهرى من أجل الاستقلال والحرية والديمقراطية والحكم الراشد حكم المؤسسات، استقلال القضاء، وفصل السلطات، حكم القانون والدستور والعداله الاجتماعية والاشتراكية الديمقراطية والحريات العامة والتنمية المستدامة والنزاهة والتجرد وحرمة المال العام وصيانته والحفاظ على البلاد ووحدتها وسيادتها الى ان سقط شهيدا في مثل هذا اليوم 26 من أغسطس 1969 داخل سجون النظام المايوي البغيض بعد ثلاثه أشهر فقط من الانقلاب المايوي المشؤوم .
كان الازهري علي اعتاب السبعين من عمره هذا العمر الذي عادة ما تكرم فيه اي بلاد زعماءها وقادتها وصانعي استقلالها وتقام لهم التماثيل وتنصب النصب وتسمى الشوارع والميادين تحمل أسمائهم وتخلد زكراهم .

ولكن الامر مع الزعيم الازهرى بدلا عن ذلك انتهى به إلى غياهب السجون وحتى مات هناك غبنا وكمدا بل مات عمدا بل قتل عمدا هنالك كما قال تلميذه الشريف حسين الهندي.
احاطت الدبابات بداره صباح الانقلاب الشيوعي اليساري المشؤوم في الخامس والعشرين من مايو 1969 ومنع الدخول إلى البيت والخروج منه .

وفي يوم 28 مايو اي بعد ثلاثة أيام اقتيد الزعيم الازهرى إلى سجن كوبر في غرفة ضيقة ثلاثة في أربعة متر لها نافذة واحدة فقط ومن الناحية الغربية حيث تدخل منها اشعة الشمس الحارقة إلى الغرفة وبجانبه مروحة صغيرة على تربيزة يكاد اصبع واحد يوقفها عن حركتها البطيئة اصلا كما وصف ذلك دكتور عبد المنعم وصفي ولكم ان تتخيلوا غرفة بهذا الحجم وبهذا الوصف وفي شهري مايو عز الصيف الحارق يقضي فيها الزعيم الازهرى ثلاثة شهور إلا ثمانية يوم . كان اول مرة يشكي فيها ارهاقا وضعفا في صحته كما ذكر ذلك طبيبه الخاص عبدالمنعم وصفي .

وفي يوم 19 أغسطس سمحوا له بالخروج لتشيع جثمان شقيقه الوحيد علي الازهري حيث عاد إلى داره وشارك في تشيع جثمان شقيقه . وقفت له عربة مولانا السيد محمد عثمان الميرغني واقلته إلى المقابر وحينما حاول الحرس المرافق له الركوب معهم في السيارة منعته الجماهير فذهب الزعيم برفقة مولانا السيد محمد عثمان الميرغني إلى المقابر
حينما عاد بعد الدفن كان علي أتم نشاطه يقابل المعزيين والوافدين من العاصمة والأقاليم ناهضا على قدميه ويصافحهم بالإسم ولكنه عند المساء شعر بإرهاق فأستاذن ودخل إلى غرفته وطلب فتح النوافذ وطلب ماءا باردا وشعر بضيق شديد فتم نقله إلى المستشفى الجنوبي وادخل في خيمة الأوكسجين وفي غرفة عادية طالبت الاسرة بالسماح له بالسفر إلى الخارج للعلاج وتم الرفض تماما لهم .

وفي يوم الثلاثاء فرغت انبوبة الأوكسجين وحينما استبدلوها بأخري اتضح أنها فارغة حاول الاطباء المستحيل لإنقاذ حياته ولكن دون جدوى .
كان الازهري قد هدأ جسده كثيرا وتمدد معتدلا علي سريره واضحا انه كان حاضر الذهن اذا رفع سبابته اشارة إلى ترديده الشهادة وماهي إلا لحظات وارتخت يده وتوقفت انفاسه تماما فأسلم الروح إلى بارئها وهو مغمض العينين معتدل الجسم وهذا لعمري كرامة له فأنطلقت صرخة الاسرة وكانت هي اول صرخة وعلى صداها وعلى إثرها انطلقت الصرخات تباعا من كل غرف المستشفى وعنابرها وشرفاتها وساحاتها وسرعان ما تجمعت المستشفى كلها امام غرفة الزعيم الازهرى ثم انطلقت الصرخات إلى الشوارع ثم إلى كل بيت في العاصمة ثم إلى الأقاليم وتحركت الجماهير من كل مكان صوب داره في ام درمان وكانت الشوارع والميادين سيول بشرية متدفقة نحو دار الزعيم الازهري بامدرمان
وحتى هذه المشاهد التي نرويها الي شبابنا اليوم لم تكن هناك إذاعة قد اذاعت النبأ ولم تكن يومها بالطبع وسائل الاتصال الحديثة كانت صرخات المكلومين والموجعين والمفجوعين برحيل الازهري اقوى من اي ذبذبات الكترونية وأقوى من إذاعة ام درمان نفسها حتي أطرت اذاعة النظام ان تذيع نبأ وفاة الازهري في نشرة الساعة الخامسة ضمن نشرة الوفيات العادية وكان النبأ فقط توفي المعلم السابق اسماعيل الازهري كأنما هو ليس رئيس اول حكومة وطنية ولا رئيس مجلس السيادة حتي 25 مايو 1967 .

نقل الجثمان على عجل إلى داره في ام درمان وكانت سلطات مايو يريدون ان يضغطوا لدفن الجثمان على عجل
وضعت حراسات تحول دون وصول الجماهير إلى منزله ولكن رجال الشرطة نفسهم سمحوا للجماهير عن طواعية للتحرك وبعضهم خلع زيه الرسمي ليشارك بنفسه في التشيع .

شاهد الناس يومها عجبا ، جماهير لا يحدها البصر حتي السيارات واللواري القادمة من الأقاليم لم تستطيع السير فأوقفت على جوانب الطرقات وترجل اصحابها سيرا على الاقدام إلا سيارة واحدة كانت الجماهير تفسح لها الطريق عن طواعية سيارة مفتوحة النوافذ كان في داخلها مولانا السيد محمد عثمان الميرغني الذي أم المصلين على جثمان الفقيد وخاطب الجموع الهادرة يومها معددا ادوار ومآثر الراحل الغظيم .
نواصل تباعا في الحلقة الثانية باذن الله
26 /8 / 2020م

مقالات ذات صلة