رغم ثراء السودان المائي، من البحر الأحمر وساحله الطويل، إلى نهر النيل بروافده: النيل الأبيض، النيل الأزرق، نهر عطبرة، الدندر والرهد وغيرها، إلا أنّه ظل ضعيفًا في الاستفادة من هذه المسطحات المائية. فلا الخرطوم العاصمة، ولا بورتسودان الميناء الرئيس، طورتا أنشطة الرياضات والمهارات والهوايات البحرية والنهريّة بما يوازي هذا الثراء، و ظلت البلاد فقيرة في الاستفادة من هذه المسطحات المائية.
القبطان عبدالله خلف الله، السوداني الاصيل ابن البلد، الاوكراني الجنسية خريج البحرية الأوكرانية، اهتم بحكم وجوده بدولة متقدمة بهذا الجانب و جعل محل اهتمامه، عبدالله كان يحاول ان يسقط كل ما يتعلمه او يصادفه من فوائد و مغانم و افكار و رؤي و قدرات على بلده و وطنه تطويرا و تحديثا و وزرعا للنماذج عسى يجذب غيره ما ينعكس تنمية و رفاهية على ابناء شعبه.
في العام 2017م، فاجا عبدالله الجميع بتاسيسه لنادي الخرطوم للالعاب المائية، و الذي سرعان ما تحول الى محطة و قبلة للمهتمين، بل جذب اعدادا اخرى مما جعل المركز يضج بالحركة و النشاط.
في ذلك العام نقل عبدالله فكرة سباق الزوارق السريعة الى قلب الخرطوم في حادثة فريدة كانت عبارة لتدشين و انطلاقة و تاسيس فريق “الفرعون الاسود” لزوارق السريعة كاول فريق سوداني في هذا الجانب.. و تزامن ذلك مع اقامة اول سباق للزوارق السريعة بقلب الخرطوم في سويداء فؤادها المقرن الحبيب على ناصية النيل الازرق.
دعانا الاخ عبدالله حينها للرعاية و الاشراف و الابوة كمنظومة جياد الصناعية متمثلة في ذراعها البحري مجموعة سابحات للصناعات البحرية، و قد كان لنا شرف (شخصي و مؤسسي) اتاحه لنا السيد عبدالله في المشاركة و المساهمة و تطوير الفكرة..
في عام 2018م، شارك “الفرعون الأسود” في أولى بطولاته الخارجية ليُتوج ببطولة إستونيا للزوارق السريعة. ثم جاء توقف قسري بفعل جائحة كورونا، قبل أن تندلع الحرب المفروضة على السودان، لكنها لم توقف الحلم.
اليوم هاهو “الفرعون الاسود” السوداني و في ظل الحرب اللعينة يخرج على الامة عملاقا بحريا يشار له بالبنان ، يعلي راية السودان و يرفع علمها و هو يفوز ببطولة الدول الاسكندنافية 2025م متفوقاً على 32 فريقاً عالمياً بتخطيط و اعداد سوداني كامل بنسبة 100٪، مع فوزه ببطولات اخرى و اعتلائه مراكز متقدمة في بعض البطولات منها فوزه بالجولة الاولى بسباق بلجيكا قبل ايام قليلة، و التي دخلها الفريق “الفرعون الاسود” و هو يرفع شعار “نسابق من اجل السلام في السودان” لافتا الانظار للحرب في البلاد.
شكرًا للأخ العزيز القبطان عبدالله خلف الله، الذي أثبت أن العزيمة الفردية قادرة على صناعة إنجاز وطني. شكرًا لكل من جعل ذلك ممكناً، ولكل الأبطال الظاهرين والمجهولين في فريق” الفرعون الأسود” ، الذين رفعوا اسم السودان عاليًا في زمن الحرب والخذلان. وننتظر القادم من البطولات و الانجازات، لأن ما بدأ كحلم صغير في نيل الخرطوم، صار اليوم حقيقة عالمية تشهد عليها بحار إسكندنافيا و مياهها.
د. اسامة محمد عبدالرحيم