* مذكرة قانونية بشأن اعتقال متهمين تمت تبرئتهم قضائياً. .ازدهار جمعة سعيد المحامي والموثق*

بسم الله الرحمن الرحيم

التاريخ: …١٥ / سبتمبر… / 2025م

مذكرة قانونية

الموضوع:
التحفظ وطلب التدخل العاجل بشأن اعتقال متهمين تمت تبرئتهم قضائيًا واعتقال شهود الدفاع داخل المحاكم، وانتهاك حرمة المحكمة والتنمر على المحامين، في مخالفة صريحة للقوانين الوطنية والمواثيق الدولية.

إلى السادة:

السيد الفريق أول ركن/ عبد الفتاح البرهان عبد الرحمن – رئيس مجلس السيادة الانتقالي، القائد العام للقوات المسلحة.

السيد رئيس القضاء الموقر.

السيد وزير العدل.

السيد النائب العام.

السيد رئيس هيئة التفتيش القضائي.

السيد رئيس النيابة العامة – مروي.

تحية واحترامًا،

نرفع إليكم هذه المذكرة العاجلة بشأن أحداث بالغة الخطورة تمثل انتهاكًا سافرًا لهيبة القضاء ومبدأ سيادة حكم القانون، وتتمثل في الآتي:

أولًا: الوقائع

بتاريخ اليوم، وأثناء جلسة محكمة مروي، صدر قرار ببراءة المتهمين:

1. محمد الحاج عساكر

2. مصعب عبد الرحيم

من التهم المنسوبة إليهما والمتعلقة بالتخابر والتعاون مع قوات الدعم السريع.

وعقب صدور الحكم وإطلاق سراحهما من سجن مروي، وقعت الأحداث الآتية:

عند خروجه من السجن، أدرك المتهم مصعب عبد الرحيم أن قوة تابعة لاستخبارات الفرقة 19 مروي في انتظاره لاعتقاله، فجرى راجعًا نحو جنود السجن طالبًا الحماية، إلا أن القوة انتزعته بالقوة من بين حراس السجن، وسحبته حافيًا إلى عربة الاعتقال.

أما المتهم محمد الحاج عساكر، فقد أوقفته القوة ذاتها بعد دقائق من خروجه من السجن، وأنزلته بالقوة من الركشة التي كان يستقلها، وأجبرته على الصعود إلى عربة الاعتقال.

إن ما حدث يمثل إلغاءً عمليًا لقرار المحكمة، ويكشف أن حياة المفرج عنهم ليست في مأمن حتى بعد صدور حكم البراءة، مما يعد طعنة مباشرة في استقلال القضاء واعتداءً جسيمًا على سيادة حكم القانون.

ثانيًا: السند القانوني

1. القانون الجنائي لسنة 1991 – المادة (115): يجرّم أي فعل من شأنه التأثير على سير العدالة، بما في ذلك الاعتداء على المتهمين أو الشهود بعد الفصل في القضايا.

2. قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991: يؤكد أن تنفيذ الأحكام القضائية من صميم اختصاص القضاء، ولا يجوز لأي جهة إلغاء أو تعطيل آثار الحكم القضائي إلا عبر طرق الطعن القانونية.
3. قانون القوات المسلحة: يُلزم منسوبي القوات النظامية بالانضباط واحترام سيادة القانون، ويُجرّم إساءة استخدام السلطة أو مخالفة أوامر القضاء.

4. المواثيق الدولية:

العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية – المادة (14): تكفل الحق في المحاكمة العادلة واحترام قرارات المحاكم.

مبادئ الأمم المتحدة بشأن استقلال القضاء (1985): تنص على أن الأحكام القضائية ملزمة ويجب تنفيذها دون تدخل من أي جهة.

ثالثًا: الآثار والمخاطر

هذا السلوك يهدم مبدأ استقلال القضاء ويُظهر المحاكم كسلطة شكلية بلا قوة تنفيذية.

يُرهب المحامين ويثنيهم عن الدفاع في القضايا التي يكون الشاكي فيها استخبارات أو قوات نظامية.

يُفقد المواطنين ثقتهم في مؤسسات الدولة العدلية، ويحوّل المحاكم إلى أدوات ترهيب بدلًا من العدالة.

يجعل بورتسودان، العاصمة الإدارية، محل تهديد للمواطنين بدلًا من أن تكون مركزًا للعدالة وسيادة القانون.

رابعًا: الطلبات

1. الإفراج الفوري عن المتهمين محمد الحاج عساكر ومصعب عبد الرحيم، وضمان سلامتهما الشخصية.

2. فتح تحقيق عاجل في الحادثة، ومساءلة المتسببين فيها من استخبارات الفرقة 19 مروي.

3. إصدار توجيهات صارمة لكل القوات النظامية بعدم التعرض للمفرج عنهم بأحكام قضائية أو لشهود الدفاع أو للمحامين.

4. تفعيل منشورات رئيس القضاء السابق بشأن حماية الشهود، ومنع الحضور المسلح لأفراد القوات النظامية داخل قاعات المحاكم أو تهديد الشهود بعبارات مثل: “نرفعك ونرفع المحامي والقاضي ذاتو وعرباتنا جاهزة بورتسودان”.

5. تحميل قيادة الاستخبارات العسكرية بمروي المسئولية الكاملة عن أي ضرر يلحق بالمتهمين المبرئين.

6. توجيه القضاة لاتخاذ الإجراءات القانونية الفورية ضد أي فرد من القوات النظامية يرفض الإجابة على أسئلة المحامين أثناء الاستجواب، بدلًا من التغاضي أو محاولة إرضائهم.

الخاتمة

إن اعتقال متهمين بُرّئوا بأمر المحكمة، بل واقتياد أحدهم حافيًا من أمام السجن وانتزاع الآخر قسرًا من وسيلة المواصلات، يمثل إهانة علنية للقضاء السوداني وطعنًا في قلب العدالة.
ونهيب بمقاماتكم التدخل العاجل لحماية القضاء والمحاماة، وصون حقوق المتهمين والشهود، وضمان أن تكون بورتسودان عاصمة للعدالة لا للتهديد والترهيب.
مع فائق شكرى وتقديرى

ازدهار جمعة سعيد
المحامي والموثق

مقالات ذات صلة