__________________________________
ابان الحرب الباردة بين القطبين الكبيرين (الولايات المتحدة الأمريكية،، والاتحاد السوفيتي)، وبعد سقوط الخلافة العثمانية، كانت الدول العربية منقسمة الولاء بينهما،، حيث كانت كل دول الأنظمة الملكية منحازة لامريكا والغرب،، بينما الغالب الاغلب من أنظمة الجمهوريات العسكرية متمحورة مع الاتحاد السوفيتي..
في العام 1979م استولى الامام الخميني على السلطة في إيران بعد نجاح ثورته، وتزامن معه في ذات العام احتلال جهيمان العتيبي للحرم المكي،،وبعد ذلك بعام واحد نشبت حربٌ بين العراق وايران سميت بحرب الخليج الأولى، تحت ذريعة (الشيعفوبيا)، ومن هنا بدأت رحلة تمزيق الورقة الإسلامية من داخلها باحياء النعرات المذهبية..
وفي العام 1989م سقط الاتحاد السوفيتي، وتبعثرت منظومته بواسطة تنسيق مخابراتي معقد، استُخدِمت فيه الورقة الإسلامية الجهادية ووظفت أعظم توظيف،، بعدها تربعت أمريكا على عرش دول العالم كقطب واحد..
ثم بعد ذلك بعام واحد احتل صدام حسين الكويت بخدعة أمريكية، كان ذلك سنة 1990م.. ثم في العام الذي يليه قامت عاصفة الصحراء،، وتلك كانت حيلةً أخرى للقضاء على الجيش العراقي الذي كان يمثل اكبر قوة عسكرية تستقوي بها دول المنطقة وفي ذات الوقت يشكل اكبر مهدد لإسرائيل،فكان لابد من القضاء عليه، وبالفعل فقد تحقق لهم ما أرادوا وفق ما خططوا..
في العام 2001م وقعت أحداث الحادي عشر من سبتمبر،فاستخدمتها أمريكا لوضع الدول _التي ترجع جنسيات من قاموا بالحادثة إليها_ تحت الاتهام بأنها مصدر الإرهاب،فقامت بتهديدهم وامتصاص اموالهم تحت ذريعة انهم يدعمون الإرهاب، بل امتد ذلك الي وصاية اضطرتهم لتغيير مناهجهم التعليمية التي تفرخ ارهابيين،، هذه هي نفس المناهج التي ارتضوها يوم ان استخدموها ضد الاتحاد السوفيتي حين خططوا عملية الجهاد الافغاني وحشدوا له كل الناشطين الاسلاميين بالمنطقة وبتمويل من نفس هؤلاء الإرهابيين ودولهم التي ترعاهم..
احتلال العراق؛ {2003_2011 م}، واعدام الرئيس صدام حسين كان مرحلة فارقة في تاريخ المنطقة، إذ ان دولها فقدت قوة الردع الوحيدة التي كانت تضرب بها،
وبعد اكتمال مخطط تدمير العراق بدأت مباشرة الحملة الدولية المنظمة لمكافحة الإرهاب والتي اطلق شرارتها الأولى بوش الابن عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر،،
ومن ثم في العام 2011 م قامت ثورات الربيع العربي باسقاط حكومات دول الجمهوريات العربية واحدة تلو الاخري كورق الشجر وقطع الدومينو، فصنعت الفوضى واشاعت الرعب فيمن تبقى من دول المنطقة التي أصبحت مكشوفة بلا ظهير،، وتلقائياً أخرجت شبكات التآمر الدولي من محفظتها مشروع السلام الابراهيمي _والذي كاد ان يشيع القضية الفلسطينية الي مثواها الاخير_ خاصة بعد أن اقترب موعد اكتمال عقده، فإذا بإرادة الله المهيمنة ان الهمت غزة طوفان الاقصى، ليرسم خارطة جديدة لم يعهدها العالم من قبل، وينعش القضية الفلسطينية ويضعها في الصدارة بعد أن ماتت اكلنيكياً،رغم ان الثمن كان باهظاً ومكلفاً، ومما يبعث على الاطمئنان ان الشعب الفلسطيني قد اعتاد على التجويع والتهجير والمعاناة وشظف العيش مما اكسبه مناعة ذاتية صنعت منه شعباً فولاذياً لا ينكسر مهما تعاظمت الانتهاكات..
وفي ذات الوقت تعرت وانكشفت كل السوءات التي كانت تتسربل بغطاء العدالة وحقوق الإنسان والشرعية الدولية، وظهرت للعلن ازدواحية المعايير في تطبيق القوانين الدولية ،،
ثم جاءت حادثة الاعتداء الإسرائيلي على دولة قطر،، الوسيط المستضيف للوفود الحمساوية المفاوضة للطرف الإسرائيلي برعاية أمريكية،، والمدهش حقاً ان بقطر توجد اكبر قاعدة عسكرية أمريكية،، وهنا يزداد الغش والخداع انكشافاً على مرمي ومسمع من دول العالم،، مما قوض الثقة في امريكا ليس من قطر وحدها وإنما تعداها الي كل دول المنطقة،، خاصة بعد أن أعلن نتنياهو صراحة عزمه استهداف كل الدول التي تستضيف عناصر من حركة حماس،، وقبلها أعلن المدي المكاني الذي سوف تحتله إسرائيل الكبرى، مما لم يدع لحاكم بالمنطقة فرصة للاطمئنان أو الوثوق بالوعود المزيفة،،
الرئيس المصري (عبد الفتاح السيسي) أدرك ذلك باكراً حين اعتذر عن مقابلة ترامب،، وحين عزز قواته بسيناء،، واختتمها بخطاب حاسم في القمة العربية الإسلامية بقطر حين وصف إسرائيل بالعدو..
والامير (محمد بن سلمان) ولي عهد السعودية يقطع القمة ويذهب فوراً للرياض من أجل توقيع اتفاقية دفاع استراتيجي مع باكستان الدولة النووية الوحيدة في العالم الإسلامي ،، ويبحث أيضاً وفي ذات التوقيت تعاوناً عسكرياً مع إيران.. في خطوة تعد الأولى من نوعها للخروج عن بيت الطاعة الأمريكي،، وارسال رسالة تهديد لاسرائيل،وإطلاق رصاصة الرحمة على المشروع الإبراهيمي..
أما السودان فقد كان الدولة المستقلة اليتيمة في المنطقة التي ظلت تتكتك وتناور منذ ما قبل سقوط البشير والي الان، وتتحمل في سبيل هذا الموقف أقسى انواع العقوبات الدبلوماسية والعسكرية والاقتصادية،،
بحق لقد حدث في هذين العامين ما لم يحدث منذ زمان متطاول من تفكيك للعلاقات الدولية وإعادة ترتيبها، وعلاقات الشعوب مع حكوماتها خاصة في دول الغرب، وفيها ارتفع وعي شعبي عالمي بحقوق الشعب الفلسطيني، وعزلة دولية لإسرائيل، وتلطخت سمعة أمريكا عالمياً بسبب انحيازها ودعمها اللا محدود لإسرائيل في إبادة الشعب الفلسطيني..
كل هذا بسبب صمود قلة قليلة من فصائل فلسطينية مِقاوِمة للاحتلال،، لا تمتلك تفوقاً عسكريًا، ولا سلاحاً فتاكاً، ولكنها تملك ارادةً قويةً وعقولاً جبارة .
انها فرصة سانحة لتجميع الاتفاقات العسكربة الاستراتيجية الفردية الي اتفاقات جماعية لتشكل تكتلاً عسكريًا مثل حلف الناتو، أو حلف وارسو سابقاً،، واعتقد ان المال وفير وكذا السلاح، والعقول والجنود المقاتلين.. فلتكن هذه الخطوة باعجل ما تيسر تفادياً لأي التفاف يمكن أن يحدث فيقلب الطاولة ويعيد الأمة الي سابق عهدها المظلم..