*همس الحروف* *من بين ألسنة النار والدخان بمطار الخرطوم ، البرهان يرسل عدة رسائل حاسمة* ✍️ *د. الباقر عبد القيوم علي*

☘️🌹☘️

*همس الحروف*

*من بين ألسنة النار والدخان بمطار الخرطوم ، البرهان يرسل عدة رسائل حاسمة*

✍️ *د. الباقر عبد القيوم علي* https://almashadnews.com/archives//4968

*بعد لحظات قليلة من إستهداف مطار الخرطوم بمسيرات المليشيا الغاشمة ، كسر القائد البرهان رتابة مشهد الرعب بحضوره بنفسه ، ليضع عنواناً جديداً للحدث بلغة التحدي ، و كان هذا الظهور بمثابة رسالة بلغة واضحة إلى ثلاث جهات : للعدو ، وللعالم ، ولصمود .*

*كان من الممكن أن ترد قوات الشعب المسلحة عبر بيان عسكري ، إلا أن القائد أراد أن يرد بعنف من موقع الحدث ليقول للعدو: لن تهزوا شعرةً واحدة من عزيمة الشعب السوداني بهذا الفعل الجبان الذي إعتدتم على فعله ، وهو الاختباء خلف الأعيان المدنية ، لهدم البنية التحتية والمراكز الخدمية التي يستفيد منها المواطن ، ورغم الخسائر المادية التي حدثت في محيط المطار والتي لا يمكن إنكارها ، إلا أن الرسالة الأقوى كانت تقول للعدو : أن هذه الهجمات ، مهما بدأ أثرها كبيراً في عيونكم ومن يقف خلفكم ، فإنها لم ولن تغير من واقع المعركة شيئاً ، ولن تُضعف من تماسك الشعب أبداً ، ولن تؤثر في القوات المسلحة ، كما لن تكسر شيئاً من صمود الدولة السودانية .*

*وأما الرسالة الثانية كانت للمجتمع الدولي ولسان حالها يقول : أن بلادنا لن تدار بلغة الابتزاز والضغوط ، ولن نسمح أن يتساوى فيها المعتدي مع الضحية مهما حاولت تقارير بعض العواصم والمنظمات الدولية تلفيق ذلك ، ولهذا جاء هذا الظهور ليرسم خطاً واضحاً يحدد المساحات المتاحة ، والمسافات التي تحفظ مبادئنا ، وسيادة بلادنا ، ولن يخضع الشعب لحلول تقوم على معادلة مغشوشة ، ولو قدمت في طبق من ذهب .*

*أما الرسالة الثالثة كانت لمجموعة صمود ، تلك النكرة المُعرفة بعمالتها ، والتي قسمت الشعب تقسيماً بلا روح إلى ثلاث كتل ، حينما ظنوا أن المجتمع الدولي يمكن أن يفرضهم بالقوة على الشعب السوداني ، فأطلقوا على الكتلة الأولى مجموعة بورتسودان ، وقالوا إن هذه هي التي تقف مع الجيش ، والكتلة الثانية كتلة نيالا ، وهي في الأصل صمود نفسها ، وقالوا إنها التي تقف مع المليشيا ، أما الكتلة الثالثة فقالوا إنها الكتلة المدنية التي تدّعي الحياد ، باعتبار أنها لا تقف مع الجيش ولا مع المليشيا وتقول لا للحرب ، بمعنى أن صمود داخلة في الموضوع بسهمين ، ونحن نقول لهم : أين الشعب السوداني المُعتدى عليه من هذا التقسيم ؟ .*

*تريد صمود ، في طرحها المستهبل هذا ، أن تأخذ ثلثي الكعكة إذا تمّ مرادهم ، وهذا ما يذكرنا بتلك القصة المشهورة للرواسي السكير ، الذي تم إرساله لشراء طلبات الطبخ لمجموعة من الرواسية ، فذهب وصرف في شربه للخمر نصف المبلغ ، وعاد بكيس صغير من الطعام ، وعندما سُئل عن الباقي، قال لهم: أحسبوا معي : 10 جنيه لحمة ، ولحمة ب 10 جنيه ، و2 جنيه خضار ، وخضار بـ 2 جنيه و ..و … إلخ ، ويعني هذا أنه يقوم بحساب الحاجة الواحدة مرتين ! .*

*فصمود لا تستطيع إنكار أنها هي الجناح السياسي للمليشيا ، ومن ضمن رسائل البرهان لهم : أنتم لستم حلاً ، فمحاولة رجوعكم بهذه المظلة يعتبر محاولة فاشلة لإعادة تدوير الأزمة والفشل مرة أخرى ، وهذا لن نسمح به أبداً .*

*فصمود هي التي منحت المليشيا غطاءً سياسياً ، وكان لا يُخفي عليهم أن حقيقة وجود السلاح بيد غير الدولة هو سبب الأزمة نفسها ، ولذلك يجب عليهم أن يعلموا أن هنالك بضعة حقائق لا تقبل التأويل : وهي أنهم لن يكونوا بديلاً للدولة ،. فإذا كانوا يؤمنون فعلاً بمصلحة السودان، فلا بد لهم من نصيحة جناحهم العسكري بأن يضع السلاح أولاً ، لأن أي مشروع سياسي يبدأ بقوة خارج إطار الدولة هو مشروع فاشل بنيوياً وأخلاقياً ، فالدولة التي لا تعترف بها صمود ،وقحت ، هي أولاً وأخيراً الإطار الشرعي الوحيد لصون الحقوق والأمن .*

*التأريخ لن يصفح عن من أودع بلاده في الدمار والخراب ثم حاول أن يسوق نفسه كثابت سياسي ، والشعب كذلك لن يغفر لمن فاوض على مستقبل الأمة وهو يضع سيفه فوق رقاب الناس وأتى على أكتاف الأجندات الخارجية ليحكم البلاد .*

*لا أحد يقف مع الحرب .. وكل الشعب السوداني (الحقيقي) هذا موقفه .. (ولستم أنتم يا صمود) ، فالشعب يريد السلام ، ولكن ذلك عبر شروط واضحة : وهي الانسحاب المباشر من المشهد المسلح ، وجمع وتسليم السلاح بدون قيد أو شرط ، والخضوع إلى آليات العدالة والمساءلة عن كل الانتهاكات التي حدثت .*

*صمود تعلم تماماً أن الشعب لن يمنحها فرصة مرة أخرى ، طالما هي التي منحت العدو غطاءً سياسياً ، وإن أرادوا أن يكونوا جزءاً من مستقبل السودان ، فيجب عليهم أن يأتوا عبر بوابة الدولة والقانون ، لا عبر أبواب الابتزاز ، فالشعب يطالب بسلام عادل ، لا بتسويات تكرس وجود العصابات تحت مسميات سياسية ، ومن يريد أن يخدم السودان فليخدمه بسلام حقيقي ، ومن يريد أن يخدم أجندة غير ذلك فالتاريخ سيقوده إلى حيث لا رجعة … والسلام .*

*نصر من الله وفتح قريب وبشر المؤمنين*
elbagirabdelgauom@gmail.com

مقالات ذات صلة