*رسالة الشهيد الشريف حسين الهندى بمناسبة اعياد الاستقلال (1980) اين الاستقلال؟*

 

وهكذا ….مضى ربع قرن من الزمان ..واطل علينا عام جديد ولا بد لنا ان نحتفل باليوبيل الفضى لذكرى استقلال السودان المجيد ولكن اين الاستقلال ؟

اين الاستقلال الذى به وبذكراه الخالدة ؟وما هي معاني الاستقلال الحقيقية لاي شعب من الشعوب ؟ اين هذه المعاني .. معاني العزة والكرامة والحرية والديمقراطية والسيادة الوطنية .. للشعب السوداني . اين هي ؟ وقد مضت اثنتا عشرة سنة علي السودانيين ، وهم يرزحون تحت اثقال حكم دموي جاهل متسلط وعميل ، علي راسه (انقلابي ) يدعي ” جعفر نميري ” !

اين ذلك الاستقلال النظيف .. الذي جاء علي اعقاب معركة نضالية وطنية شريفة قادها جيل وطني اتسم ( بقدر ماتسم )بالولاء والوفاء للسودان وحده ، واتسم (بقدر ماتسم)بالحصافة والسياسة والكياسة ، والسمو الوطني الاصيل . وذلك الجيل الذي انتزع من المستعمرين – وببراعة سياسية نادرة لم يشهد لها التاريخ مثيلا – حق تقرير المصير . ذلك الجيل الذي حقق السودنة ، وطرد جيوش الاحتلال ، وعانق ( الجامعة العربية )ثم (منظمة الوحدة الافريقية ) وكان احد مؤسسي منظمة دول الحياد الايجابي وعدم الانحياز .

اين السودان من كل هذا ؟ سودان اليوم لم يعد يتمتع بعضوية حقيقية فاعلة فى الجامعة العربية بل سودان نميرى لم يعد منتميا للامة العربية اطلاقا بل هو سودان مايو الذى صار عضوا خاسرا فى المنظمة الافريقية لا يمثل طموح الافارقة ولا وقوفهم ضد الاستعمار العنصرى والاقتصادى والثقافى والاستيطانى ..سودان نميرى المنحاز للامبريالية العالمية والمتهافت عليها والخادم المتقدم بخدماته لها البائع لكرامة شعب وتاريخ امة والقابض أبخس الثمن …

صارت ارض السودان ملأى بالجنود الاجنبية وبالاسلحة الاجنبية وبنقود القوى الاجنبية وأصبح استقلال السودان استقلالا قشوريا مظهريا سياسته الخارجية تدار من الخارج وسياسته الداخلية ادت لان تتعطل الحياة فيه فلا ادارة ولا اداء بل رشوة وفساد ومحسوبية وضخ اعلامى كاذب عن التنمية جاء على انقاض تلك المشاريع الانتاجية القديمة والتى .كانت مفخرة من مفاخر السودان والتى اليوم أحبطت احباطا كاملا لا يكاد يصدقه عقل بشر

هكذا كان استقلالنا بالامس وهكذا استقلالنا اليوم فماذا نحن معشر السودانيين فاعلون ؟ ماذا فعلنا اذا ذلك ؟ وماذا يجب ان نفعل ازاء هذه المحنة التى ابتليت بها بلادنا ؟ نحن فى الحزب الاتحادى الديمقراطى بل نحن الحركة الوطنية السودانية الحديثة بل نحن فى المعارضة الشعبية السودانية والتى تضم غيرنا كان لنا وسيظل لنا شرف الموقف فى معارضة هذا النظام ومنذ اللحظات الاولى من صبيحة الخامس والعشرين من مايو المشئوم وكان بصرنا يومها يكاد ان يهتك أستار الغيب ويتحدث عما هو ات .. ماس وكوارث حينما تولد الديمقراطية . وقفنا منذ تلك اللحظة والي يومنا هذا ، معارضة شجاعة جسورة منطقها اصالة المبداء ولالشي غيرها ، مفعمة بالشفاء والمعاناة والجهد الصابر الدؤوب حاملين لواء القضية ، وظللنا نعض عليه بالنواجذ ، ونقبض عليه بالنار . .. حتي اليوم ،وستظل هذه القضية ملء عقولنا وافكارنا ، من اجل الخلاص من اجل الاستقلال ، من اجل الحرية ، من اجل الاشتراكية الديمقراطية .. لم نصالح ولم نشارك ، ولن نصالح ولن نشارك ، وقفنا من النظام موقف العداء السافر المعلن السلح ..ىوالمطرز بالدماء ، وسنظل كذلك .

نحن الاتحاديون الديمقراطيون صناع الاستقلال وحماته اهل الموقف القومى ومنذ نشأة حزبنا ارتباطا بالامة العربية بماضيها وحاضرها ومستقبلها وأهل الموقف السودانى الوطنى ارتباطا بتراث نضالى سودانى عريق واصيل لسنا تقليديين متحجرين نؤمن بجماهير شعبنا وقدراتها مهما طال واستطال عناء المواجهة والصدام لن ننكس الرايو التة حملها مئات بل آلاف الشهداء من اجل الاستقلال ومن اجل الديمقراطية وستظل حية مرفوعة سامقة يتولاها حفيد بعد حفيد وجيل بعد جيل حتى تتحقق غايات التحرر الداخلى الكامل لهذا الوطن ….

لقد كتب الله لنا ان نحتفل بالاستقلال وان نقول اين الاستقلال ؟ ولابد لنا فى ذكرى الاستقلال ان نقول ايضا كيف الخلاص ؟ ان الخلاص باسقاط هذا النظام وان اسقاط هذا النظام ليس معجزة من المعجزات بل هو امر يرونه بعيدا ونراه قريبا وأجزم اننا قاب قوسين اوادنى منه ما اقبل صبح الا وازددنا قوة وما اقبل صبح الاوازداد الطاغوت ضعفا ولم يعد جبارا يزمجر بالتهديد والوعيد فها نحن الاتحاديون نحتفل بالاستقلال ولاول مرة منذ ان جسم الكابوس على الصدور نحتفل بهعلى رؤوس الاشهاد وفى بيت ابى الشهداء وبطل الاستقلال بأم درمان فأين قوات الجندرمة وقوات الكبت والارهاب ؟

لقد دنت ساعة التحرك والخلاص وأعلناها عالية مدوية أنا نعمل ضمن ما نعمل من وسائل الخلاص للاضراب السياسى والعصيان المدنى ونحتفظ لانفسنا غير متعجلين وغير مترددين باعلان ساعة الصفر .

ان هذا النظام وبحكم التجربة لا يستمع الا لنطق القوة ولابد لجماهيرنا الابية ان تتملك ناصية التاريخ وتمسك بعجلته وتتحرك كما تحركت جماهير الابيض وفى الفاشر ونيالا وكما تحركت من قبل فى عطبرة وخشم القربة ولا يهم اطلاقا بل ليس من المطلوب أن تكون نتيجة اى تحرك جماهيرى اسقاطا فوريا للنظام ان هذه التحركات الوطنية المتقطعة المتواترة هى الوقود الشعبى ناجحة كانت ام فاشلة ويجب ان تستمر وان الضربة القاضية للاجهاز الاخير آتية …آتية لا ريب فيها ..

ما فتئنا نقول : اين الاستقلال ؟

ولازلنا نستنشق معانى وعبير الاستقلال ؟ ولقد عبرنا يوما الى بر الاستقلال ونعبر الان الى بر الخلاص من اجل الاستقلال وبأذن الله وتوفيقه ..

مقالات ذات صلة