(١)
تقول السيدة إليانا بزالتيس إبنة جورج بزالتيس شريك إسطفانيدس أنهم عاشوا معا كأسرة في منزل واحد في الخرطوم وبعض السنين في أتينا حيث انتقلوا للعيش هناك بعد قرارات التأميم والمصادرة المأساوية والتى إرتجلها نميري في إستاد الخرطوم عصر يوم ٢٥ مايو ١٩٧٠ عند إحتفاله بالذكرى الأولى لقيام ثورة ٢٥ مايو ١٩٦٩ وهي القرارات التي وصفتها في كتابي عبدالخالق محجوب الوعي وإزهار القناديل أنها قرارات دمرت إلى الأبد إقتصاد السودان وشردت كل الجاليات التي تنافست في الإستثمار والصناعة والتجارة ورفدت الخدمة المدنية بالرعيل الأول وحذقت الحرف مما أدى إلى تشكل سودان واعد كان إرث الكولونيالية التي سادت السودان قرابة السبعة عقود في ذلك الزمان.
تنحدر أصول إسطافنيدس من جزيرة أمورقوس باليونان والتي تقع أقصى شرق مجموعة جزيرة سايكلاديس وأقربها لمجموعة جزيرة دودكانيس في بحر إيجة باليونان.
ولد في العام ١٨٨٩ لأسرة مكونة إثني عشرة أخ وأخت. إنتقلت الأسرة للعيش في الإسكندرية في مصر ثم إنتقلت إلى بورتسودان ثم الخرطوم. وقبل رجوعهم إلى أثينا تبقى من الأسرة الشقيقان إسطفانيدس وأخته أوليمبيا التي تزوجها المحاضر بجامعة الخرطوم أنجلوبولس أريستومينيس وكان فنانا تشكيليا وهو من قام برسم بورتريه إسطافنيدس في العام ١٩٢٤.
لم يتزوج إسطافنيدس وظل عازبا الى مماته في العام ١٩٧٦ بأثينا.
جاء إسطفانيدس الي الخرطوم في بداية عقد العشرينات من القرن الماضي للعمل في شركة كونتميخالوس والتي بدأت في التوسع في المشاريع الزراعية والتطوير العقاري حتى غدت من كبرى الشركات والتي توصف بالإمبراطورية الإقتصادية ذلك الزمان حتى صار لمالكها نفوذ سياسي في اليونان.
لم يتلقى إسطفانيدس دراسة جامعية في العمارة وتقول بعض الروايات أنه درس المساحة. عالميا في ذلك الزمان لم تبدأ دراسة العمارة نظاميا بالجامعات والكليات وكحال رواد العمارة العالميين مارسوا مهنة العمارة والتصميم بخلفية فنية تشكيلية من لوكوربوزييه وحتى الياباني الأشهر تاداو آندو.
بعد تمحيص دقيق وإحصائيات لأعمال إسطفانيدس يتبين لنا أنه الرحم الذي تشكلت داخله عمارة الحداثة في الخرطوم الكولونيالية مابعد حقبة فابريشيوس وفرقة المهندسين التابعة للجيش البريطاني. ديمتري فابريشيوس هو من وضع الأساس بتصميمه لمباني كلية غردون التذكارية ذات النمط القوطي وصمم واجهات مبني السراي على طراز فينيسيا الذي تحول إلي القصر الجمهوري لاحقا. زمان إسطفانيدس تاريخ مجيد لزمان برع في تشكيله وعمارته والإشراف على بنائه فنان بناء وعصامي لاتزال مبانيه تشمخ في سماء الخرطوم تتحدى عوامل التعرية ومشاكل التربة وقصف الدانات. تاريخ لم يجد حظه من التوثيق والدراسة كما لم يجد طريقة الى كليات العمارة ضمن الدراسة النظرية لمراحل تطور العمارة في الخرطوم. كذلك أغفل الآثاريون إدراجه ضمن الإرث الإنساني لبلادنا .
(يتبع)