في الوقت الذي استطاع فيه وزير الخارجية الأمريكية أنطوني بلينكين أن يدين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع لم يستطع ذات الوزير ولا مندوبه بمجلس الأمن أن يوجه ولو صوت لوم لإسرائيل عن الجرائم والفظاعات التي كانت وما زالت وستظل ترتكبها في الأرض الفلسطينية. الحقيقة المرة أن استخدام الولايات المتحدة الأمريكية لحق النقض (الفيتو) لم يكن أمراً مستغرباً بل صرح به كل المحللون قبل عملية التصويت على مشروع القرار الذي تقدمت به دولة الإمارات العربية المتحدة.
ممارسة الولايات المتحدة الأمريكية لحق الفيتو وامتناع مندوب بريطانيا عن التصويت، وفي ظل هذه الظروف، يدلان على أن مجلس الأمن الدولي وخلال الفترة القادمة ليس من المرجح أن يتخذ أي قرارات مهما كان مستوى التهديد للسلم والأمن الدوليين. فوتيرة الحروب المتصاعدة ابتداءً من حرب السودان المنسية والصراع على غزة والنزاع الروسي الأوكراني وتراجع المساعدات التي كانت تعتقد أمريكا أنها ستضعف وتنهك بها الدب الروسي ووعودها التي لم تتضرر منها غير القارة العجوز. كل هذه الأحداث وما ستترتب عليها من متغيرات، لا محالة ستؤدي لزيادة في النزاعات المسلحة وبالتالي تراجع صريح في حماية حقوق الإنسان لتصبح، بكل اسف، مجرد دعاوى وادعاءات. أكبر شاهد على هذا التحليل أن استخدام أمريكا البارحة لحق النقض لم يأت في ظروف عادية أو استجابة لمشروع قرار من إحدى الدول الأعضاء بمجلس الأمن وإنما بعد ممارسة الأمين العام للأمم المتحدة لسلطاته بموجب المادة التاسعة والتسعين من ميثاق الأمم والتي تقرأ: ” *يحق للأمين العام أن ينبه مجلس الأمن إلى أي مسألة يرى أنها قد تهدد حفظ السلم والأمن الدوليين*”.
هذا الواقع يؤكد أن لا الأمم المتحدة ولا مجلس أمنها سيكون لهما أي دور حقيقي في حفظ السلم والأمن الدوليين. دراسة ماجستير حديثة لطالبة سودانية صادرة عن مركز حقوق الإنسان بجامعة بريتوريا انتهت إلى أن عقوبات مجلس الأمن ونحوها من الإجراءات الأحادية الأمريكية لم تنجح في إحداث أي فرق ولم يتأثر بها الزعماء ولا القادة العسكريين بقدرما الشعوب. أي أن الأخيرين هم من عانوا وخضعوا لعقوبتين الأولى دولية والثانية محلية حيث تم اتخاذهم دروعاً لمواجهة تدابير ليس مجرد عاجزة وإنما مؤججة لذات الحروب وتداعياتها.
عبد العظيم حسن
المحامي الخرطوم
9 ديسمبر 2023