بعد اندلاع الحرب بحوالي خمسة أشهر، وفي مقابلة على قناة الحدث صرح ياسر عرمان بأن مركزي الحرية والتغيير بات أكثر انفتاحاً. وأهم الدروس المستفادة من الحرب وتجربة الاتفاق الإطاري بالنسبة لعرمان تمثلت في ضرورة توسيع المشاركة. ترتب على هذا التحليل والتصريح أن مضى المجلس المركزي في إنشاء تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) واختيار د. عبد الله حمدوك ليقودها. بغض النظر عن سلامة أو فشل هذا الاختيار إلا أن الذي لا يجوز أن يكون محلاً للجدل أن تقدم، كتحالف سياسي، لها أن تختار من تشاء من القيادات وأن تطرح ما ترى من حلول وتتحمل نتيجة قراراتها. الحقيقة، أن الحرب التي لم تندلع إلا بسبب الصراع على السلطة فإن درسها المستفاد أنه لا جهة تملك تخويل نفسها أو تسعى لتنفيذ رؤيتها طالما أنها غير منتخبة. في هذه المرحلة الجهة التي سيذكر التاريخ لها فضل وقف الحرب ونجاح الانتقال هي من ستستطيع أن تطرح التوليفة التي يتم بها تمثيل إرادة الشعب باختيار الفاعلين الذين يملكون فك طلاسم هذا المشهد المعقد.
في ظل استحالة الوصول إلى إجماع أو شرعية اختيار أو تفويض فإن الوصول للحل الألمعي يتطلب أن تستفيد بقية القوى من تسمية (تقدم) للدكتور عبد الله حمدوك واعتباره ممثلاً لتحالف الحرية والتغيير. احترام إرادة أي مجموعة من المواطنين يجب أن تقابلها المجموعات الأخرى بتسمية ممثليها أو من يرون فيهم القدرة على اقتراح الحلول. فحتى لا يكون هناك ضياع للوقت والجهد أقترح تسمية سبعة أشخاص كحد أقصى من الشخصيات الوطنية التي تتمتع بالمصداقية والكفاءة والخبرة العلمية والعملية بلا انتماء لأي جهة أو حزب أو مجموعة بقدر الإمكان. هولاء السبعة ممن يجوز وصفهم بأهل الحل والعقد يجب أن يراعى في اختيارهم التمثيل النوعي والجغرافي للسودان. يكون مناسباً لو كان ذات الممثلين من قطاعات مهنية مختلفة بحيث تكون المراسيم التي سيتخذوها ليست لوقف الحرب وحسب وإنما إنهائها لغير رجعة.
مهما بلغ الشقاق بين القوى السياسية السودانية فإن هناك شخصيات وطنية كثيرة يثقون بها ويمكن أن تضطلع بهذا الدور. فلو أن الفاعلين في المشهد السياسي وبحانب حمدوك بدأوا، ومن هذه اللحظة، في المشاورات لخرجوا لنا بالشخصيات المطلوبة من شاكلة د. ياسر ميرغني رئيس الجمعية السودانية لحماية المستهلك وغيرهم. الحل الألمعي والوطني الآخر الذي يجوز اللجوء إليه بلا هدر للطاقات أن يصطف السودانيين مطالبين الجنرالين المتحاربين للنزول للتحكيم. إذ من المتاح، وبدلاً من المساجلات الكلامية، أن يسمي البرهان شخصية مدنية يثق بها وكذلك حميدتي. الحكمان بإمكانهما أن يجلسا ويختارا مدني ثالث بحيث في حال الاختلاف يكون لغالبيتهم صوت مرجح. مشارطة أو اتفاق التحكيم الذي نقترح أن تطالب به الأحزاب والقوى السياسية ومنظومات المجتمع المدني أن يشتمل على تخويل لهيئة التحكيم أن تضع الأسس والقواعد التي توقف الحرب بجانب أن يكون من صلاحيات هيئة التحكيم أن تستعين بمن ترى من الشخصيات المدنية أو العسكرية في أي مسالة أو مشورة تتطلبها إجراءات وقف الحرب. ونواصل.