*سياحة في أدب الحكم والسياسة سنستعيد النهود لحضن الوطن بقلم د. أمين محمود محمد عثمان*

بسم الله الرحمن الرحيم

سياحة في أدب الحكم والسياسة

سنستعيد النهود لحضن الوطن

بقلم د. أمين محمود محمد عثمان

كما نألم فإنهم يألمون ، الفارق بين ألمينا هو أننا نرجو من الله ما لا يرجون ٠٠ هم عجزوا عن انشاء سلطة تخدم مواطنا بمقدار ما تعتاش بها النملة ابو عشة من ابوال المرضى ٠٠٠ فشلوا في أن يحفظوا حياة مهددة لمواطن خضع لسلطتهم الجبرية فخسأت دعوتهم وقولهم إنما نحن مصلحون ! فمشاهد فسادهم وفشلهم لا تضاهى ، إذ لم يجد أهل الخرطوم ومدني وسنار وسنجة وقبلها أهل نيالا وزالنجي والجنينة وكتم وحتى الضعين أيام سيطرتهم عليها إلا التخريب والنهب النهيم ، لأنهم المفسدون حقآ ٠٠٠
شعبنا الأبي ابتلي بهم ، ويمحصهم الله في إيمانهم وصبرهم على مفسدين طغوا واكثروا في الأرض الفساد ٠٠ وجعل الله من فسادهم البين أمرا لنا لمجاهدتهم بإعداد القوة سرمديا لعدو نعلمه وآخر قد استتر ، ومن فضله أنه تعالى كشف لنا أن النصر بيده ( ٠٠ وما النصر إلا من عند الله ٠٠ ) وبين لنا شروط الانتصار على العدو ( ٠٠ إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم ) ٠٠ وإنما ينصر العبد ربه بإلتزامه طاعته ، والكف عن معصيته لذلك قال عمر وهو من هزم الأكاسرة والقياصرة معا لقادة جنده : إني أخاف عليكم من ذنوبكم . فلا تجعلوها تحول بينكم وبين نصر الله لكم ٠٠
أحيانآ تحدث الهزائم ، فتضيق الأرض برحابها على جند الله جند الوطن ٠٠ حتى أنهم ليقولون وقد أحاط بهم العدو إحاطة السوار على المعصم متى نصر الله؟ فأبصارهم ساعتئذ زائغة وقلوبهم واجفة من هول ما يشهدون! وكلها تمحيصات غايتها إعداد جند الله لوثبات تالية من النزال ولكن بإيمان أمضى وتوكل أعظم وأصدق على الله صاحب القوة والجبروت ٠٠ فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ٠٠ فلا تهنوا وانتم الاعلون ، والنصر صبر ساعة، وعلى الباغي تدور الدوائر٠

النهود مدينة استراتيجية تحكم بموقعها الحركة ما بين دارفور وما وراءها ، وكردفان وما خلفها ٠٠ وانسان النهود وادع وذو خلق هو نتاج التصاهر ما بين الشعوب وأضفت طبيعتها التجارية على أهلها صفات الأمانة والكرم الفياض ٠٠ فالنهود والجة في قلوب الذين عبروها ، وفي قلوب الذين أووا إليها ساكنين ٠٠ وبهذا الرسوخ في القلوب فإن كل أهل السودان سيستنقذونها ممن عدا عليها غدرا ويومئذ سيفرح المؤمنون بنصر الله٠٠

عتبة النصر في كل حرب تبدأ بمعرفة المرء لنفسه ولعدوه ٠٠ وكذلك معرفته بصديقه ثم بمعرفته لصديق عدوه ٠٠ ومن دون هذه المعارف يصبح المجهود الحربي اعتباطا ، وإنما يؤتى المرء من العدو بالغفلة وبغياب الوعي ٠٠ والقائد الحذق يسعى لحشد القوة اللازمة والضرورية للانتصار . وهو يحرص غاية الحرص بألا يفقد حليفا ولا صديقا ولا محبا ٠ فلأن يحتفظ بالنصير أهون عليه من ترويض عدو متربص!

المعركة في السودان متعددة ومتطورة المظاهر ، ومظاهر الحرب هي الوسائل التي يتم بها الإضرار بمصلحة الخصم ٠٠ وتكون معيارا لشدة النزاع ٠٠ لذلك يلجأ العدو لاستهداف مصالح لم تكن هدفا عند بدء النزاع ٠٠ كمن يمسك بسوط فيضرب الضحية في رأسه فإذا رفع يده ليقي رأسه ضربه على كتفيه فاذا وضع يديه على كتفيه جلده على صلبه وهكذا يستمر في الضرب طالما يعجز ضحيته من الإقباض على السوط ومصارعته عليها ٠٠

هذه معركة معقدة ومربكة لاطراف عدة ٠ وبمثل يشكل المنافقون في الحروب عقبات في حسم المعارك؛ فإنه حري بنا كسودانيين أن ننتبه أن في محيطنا الاقليمي قوى جبلت على فزع كبير من الإسلام ٠٠ فهي اصطنعت خوفها من الإسلام لإزورارها من تطبيق قيم الإسلام في الحياة ٠٠ شيطانهم يزين لهم أن الاسلام خطر على سلطانهم ، ويعدون كل من يدعو أو يسعى لتطبيق قيم الإسلام عدوه الذي يسعى ولو من غير دليل لثل عرشه! فهؤلاء قطعا سيخوفون قادتنا وسيحاولون ابتزازهم بعون يعرضونه للسودان شرط إبعاد نصراء الحرب! كمثل الشيطان يدعو الانسان للكفر فإذا ما كفر نكص على عقبيه وتنكر وقال اني ارى ما لا ترون إني أخاف الله رب العالمين!

هذه معركة السودانيين، وساحتها ساحة تمحيصهم في صدق وطنيتهم، وقادتنا لا يتحركون من غير تجربة هادية ٠٠ فلهم عبرة في مخطط فولكر ورباعيته ٠٠ فالامتحان مكشوف، وازيد للقصة بيت شعر ٠٠ فطوال تاريخنا لم يخف حاكم سوداني من الإسلام كما يخاف اليوم حكام كثر في بلاد متعددة ٠٠ الخوف للكل في السودان يأتي من معاداتهم للإسلام ٠٠ وتلك معادلة أشبه لمعاداة الجاهل لنفسه! فلا شيء يمكن أن يلهب نفس السودانيين ويدفعهم على الثورة أشد من صرخة ( الاسلام في خطر ) ٠٠ تعايشوا مع شعبكم واستجمعوا إرادة شعبكم جميعا للسودان عن بلدكم فهو السبيل الوحيد للتحرر الكامل.

لقد تدافع الشباب لحرب الكرامة بالمناكب يستبقون النصر أو الاستشهاد ٠٠ وباليقين تجردوا من التحزب والقبلية والمناطقية ٠٠ هم يدركون أن في تحزمهم ووحدتهم القوة القمينة بكسر العدو الذي لجأ فقط إلى تخريب موارد الشعب ومرافقه العامة ٠٠ فشعبنا أمام عدو جاهل وغشيم ، عدو هزم نفسه اولآ في اهدافه من الحرب باستعداء الشعب كله بالنهب منذ الأيام الأولى من الحرب ٠ ولم يقف عند ذلك الحد بل اتبعها بتعطيل المرافق العامة في محاولات الوقف الكامل للتعليم في كل المراحل والسعي لتوطين الجهل في السودان ٠ ٠٠

لا تراجع إلا باسترداد النهود ودك العدو اينما حل ، والا بإيآس الذين مالؤوا العدو وظاهروهم على شعبنا ٠٠ سيكون أبناء السودان على الموعد مع كل مظهر يتطور إليه الحرب وسيتصدون للمسيرات باعنف مما تصدوا للمدافع الثقيلة والعربات المصفحة ٠٠ فما يعرفه المرتزقة عن السودان أنهم أهل صبر ومن يحب الحياة يخاف الموت ٠٠ هي كلمة سمعناها مرة من القذافي ونحن محافظون قال أن دول الاستكبار تخاف من شعوب مثلكم ، أنتم لا تعرفون النعيم كما نحن وهم ، فترون أنكم لا تخافون من زوال نعيم ليس موجدا عندكم ، فانتم تؤسسون مواقفكم من دون حرص على دنيا تتنعمون فيها ٠٠ مهما كان تفسيره لصبرنا ، فإن الثابت هو أننا نشري الحياة الدنيا بالآخرة ونحرص على ذلك فتوهب لنا الحياة ٠٠ خسأ من ظن أنه سيرهبنا بمظاهر حرب تستجد أو تتطور ٠٠ ولو ثمة دعوة فندعو لاستخدام سلاح الدعاء في معركتنا هذه كمظهر جديد يحطم الجبال الراسيات ، وندعو للمزيد من وحدة الصف الوطني لمحاصرة باطلهم ٠٠

د. أمين محمود محمد عثمان
السادس من مايو ٢٠٢٥ م

مقالات ذات صلة