*أموال ليبيا في المصارف الأوروبية والاجنبية هي المحرك الرئيس والاساس لإحداثها المتسارعة ، التي أدت لسقوط القذافي ، وفرض واقع التشظي الذي تمر به اليوم* .. *حيدر التوم خليفة*

*أموال ليبيا في المصارف الأوروبية والاجنبية هي المحرك الرئيس والاساس لإحداثها المتسارعة ، التي أدت لسقوط القذافي ، وفرض واقع التشظي الذي تمر به اليوم* ..

*حيدر التوم خليفة*

إن حادثة أغتيال المليشي الليبي *عبد الغني بلقاسم خليفة الشهير بغنيوة الككلي*
. تشير إلى هشاشة الوضع السياسي والعسكري في هذا البلد ، الذي تحكمه *التحالفات المليشياوية والقبلية والجهوية* ، ولن تكون هذه الحادثة الأخيرة ، ما دام نظام الحكم فيها ، خاصة في منطقة طرابلس، يعتمد على المليشيات في تثبيت مواقعه وسلطاته ، لأن *كل مسئول في ليبيا أتت به البندقية ، وهو مسنود من مليشيا تتبع له* ، هذا يشمل الجميع ، حتى *الرئيس الدبيبة* ذات نفسه …

اي ان *الوضع في ليبيا تشكله التحالفات والمصالح  داخلياً ، إضافة إلى بعض الجهات الخارجية* التي تعمل على تمييع ثروات ليبيا والسطو على أموالها ، وتغييب اثرها ، والاستيلاء على استثماراتها بالخارج

وقد قدر بعض الخبراء ان *جملة أموال ليبيا التي تركها نظام القذافي تصل إلى تريليون وثلاثمائة مليار دولار* في العديد من المصارف الأوربية ، وتمثل شريان الغذاء الرئيسي لهذه المصارف ، ولولاها لصار الكثير منها أثراً بعد عين ، وهي أموال لا يمكن الوصول إليها اليوم …

وقد مثّلت احد الاسباب المهمة التي دفعت حلف الأطلسي لشن حربه على نظام القذافي.، والتي شملت *قصف وحدات الجيش الليبي وكتائب القذافي* ، إضافة إلى *تمويل الحرب الأهلية التي أدت إلى تشظي البلد* ، وانفراط عقد جيشها ، وإنتشار المليشيات المسلحة على نطاق المدن والأحياء ، إذ ان هناك ما لا يقل *عن ٢٦ مليشيا مسلحة في غرب ليبيا وحدها* ، تتحكم في مدنها ووحداتها الإدارية ، وتحكمها على نظام المافيات الخارجة عن القانون ، وهذا امر مُشاهد حتى على مستوى العاصمة طرابلس نفسها ، إذ نجدها مُقسمة بين سلطات عسكرية مليشياوية عديدة ، وغنيوة الكلي الذ أغتيل بالامس نفسه ، كان مسيطراِ على حي ابوسليم في طرابلس ، وبوضعه هذا صار رئيسا لجهاز دعم الاستقرار الذي كونته حكومة الدبيبة  ، الأمر الذي يشير إلى أن *كل شئ في ليبيا غير شرعي* ..

وعلى المستوى الاشمل هناك *حكومتان تتنازعان حكم ليبيا* ، ليس بصورة مطلقة وإنما عبر تحالفات هشة  مع عصابات المدن المسلحة ، ففي طرابلس توجد حكومة الدبيبة بإمتداداتها الأجنبية ، والتي توصف بأنها ذات طابع إسلامي ، ولا أعتقد ذلك ، وهي ليست *مدعومة من تركيا* فقط كما يشيع البعض ، ولكن الاصح القول بأنها تقع *تحت الوصاية التركية الكاملة* ، وبالتأكيد هي من تدفع ثمن هذه الوصاية من عائدات البترول ، وافضل وصف لها انها *اتحاد مجموعات وفصائل مسلحة إنبثق بعد سقوط القذافي ، تعمل سويا لحفظ مصالحها ، ومصالح داعميها من دول الاتحاد الأوروبي* ، والتي تتمثل اهمها في *عدم فتح ملف الودائع الليبية في المصارف الأوروبية* ، اما *الضامن الدولي لها ولتعهداتها فهو تركيا* ..

اما *حكومة شرق ليبيا بقيادة الجنرال حفتر* ، فهي ايضاِ تحت *الوصاية الأوروبية ولذات الغرض ، ولكن بضمانة إماراتية* ، ومعروف ان الإمارات هي *دولة وظيفية* ، ومأجورة لتنفيذ المهام القذرة للدول التي تمنع قوانينها اعمالاً وممارسات *غير قانونية ، اي لا تتسق مع القانون المحلي او الدولي* ، ولكن لا تأنف الإمارات من القيام بها ، فهل تشغل ثلاثة أدوار , وهي  … :
*دور الكفيل*         *Guarantor or *Sponsor*

*ودور المتعهد Undertaken or contractor*

*ودور المنظف Cleaner or detergent*

كما أن حفتر يجد بعض *الحماية من مصر* ، لأن مصر مُجبرة على ذلك ،. فهي تحتاج إلى *نظام واحد مستقر يتشارك معها الجهود لضبط حدودها الغربية* الطويلة المُرهقة والمُكلفة المراقبة ، وارتباط ذلك بخوفها *من تسلل الإسلاميين الجهاديين* ، إضافة إلى أنه يساعد علي *سهولة تدفق العمالة المصرية* الي سوق العمل في امارة بنغازي واقاليمها …

ونظرة فاحصة تنبئك ان *نظامي طرابلس وبنغازي ما وجدا الا لحراسة المصالح والأهداف للعديد من الدول الأوروبية*  ، فمسألة استقرار تدفق *البترول الرخيص (المهرب)* ، خاصة الي دول جنوب أوروبا هو أمر حيوي لها ، كما أن عدم *فتح موضوع الودائع والأموال الليبية* في المصارف الأوروبية هو أيضاً من الأهمية بمكان لهذه الدول ..

ولكن هذه ليست كل الأسباب الرئيسية التي ادت لاقتلاع نظام القذافي ، فالغضب الشعبي ، وقهر النظام ، والملل وتوق الشعب الليبي للتخلص من القذافي ونظامه ، مثّل أس الدعوة للتغيير ، كما أن *خوف الرئيس الفرنسي ساركوزي من إنكشاف دور القذافي في تمويل حملته الانتخابية* ، كان أحد الأسباب التي جعلته ينشط لتغيير نظام القذافي عبر الناتو ، وسعيه لقبر الشواهد والأدلة في مهدها ، وربما *طال تمويل القذافي العديد من الشخصيات والاحزاب الاوروبية* …

كما أن الخطوات المتسارعة التي خطاها القذافي لتحقيق وحدة الدول الأفريقية ، تحت *دولة الولايات المتحدة الأفريقية* ، وقطعه شوطاً بعيداً *لإصدار العملة الأفريقية الموحدة* ، وما يمثله ذلك من *تحدي للدولار* ، دفع أمريكا ان تسارع للتخلص منه ، إضافة إلى أسباب أخرى بعضها يتعلق *بقراءات دينية لتيار التدبيريين الحاكم في البيت الابيض* ، خاصة وان القذافي وأسرته  سبق لهم وان تعرضوا للقصف من الرئيس ريغان *بدافع توراتي لاهوتي* ، إذ ان ريغان كان كامل الإيمان بأن ليبيا هي إحدى الدول التي سوف تقف أمام المسيح عند عودته الثانية ، وان القذافي هو الأمير الليبي المذكور في النصوص التوراتية ..

هذا إضافة إلى أسباب عديدة أخرى ترتبط *بشخصية القذافي وارائه الثورية والتحررية* المرفوضة من الغرب جملة وتفصيلاً ..

وختاماً اقول ان *ما يمنع تقسيم ليبيا اليوم هو البترول* وتحديداَ *تقسيم عائداته* ، إضافة إلى *وجود بنك مركزي واحد وعملة واحدة* وفشل بنغازي في اصدار *عملة بديلة للدينار الليبي الحالي ، أو انشاء بنك مركزي منفصل كامل الشرعية والاهلية* ، اي فشلها في *فك الارتباط المالي مع طرابلس الغرب* ، مع تشابك *مجمل الوضع السائد بمصالح الدول الأخرى* …

*حيدر التوم خليفة*
١٣ مايو ٢٠٢٥

مقالات ذات صلة