وزارة الري ليست مسؤوليتها فقط فتح القنوات وتنظيف الترع.
هي وزارة أمن قومي، وركيزة أساسية في معركة المياه التي تدور حولنا بصمت.
السودان لديه حصة سنوية من مياه النيل 18.5 مليار متر مكعب (اتفاقية 1959)، ومع ذلك مصر كانت تأخذ جزءا منها وأكتر من نصيبها بسبب انعدام التخطيط وضعف البني التحتية لدينا، وأثيوبيا الان اصبحت تتحكم في النيل الأزرق بسد النهضة، وسعته 74 مليار م³.
مع العلم أن الغالبية العظمى من حصتنا المائية تستهلك في الزراعة، مما يعني أن الموضوع حياة أو موت وليست رفاهية.
المضحك المبكي ان رئيس الوزراء الذي يفترض ان يكون خبير ومدرك تماما للقضايا محور الاهتمام والصراعات التي تلوح في الافق اقليميا و دوليا يقرر أن يلغي وزارة الري في وسط أزمة مياه إقليمية عالمية. وكأنه لم يسمع عن سدود يتم التخطيط لها في جنوب السودان، أوغندا، كينيا، بوروندي، إثيوبيا. وجميعهم يؤسسون للدخول في صراع مياه برعاية ودعم مالي واستثماري من صناديق تمويل اقليمية ودولية وليس السودان استثناء من ذلك.
وزارة الري ليس وزارة تشغيل، بل وزارة تفاوض، معلومات، سدود، إنذار مبكر. إلغاؤها قرار كارثي بكل ما تحمل الكلمة من معنى.
وحتى لا نضحك على أنفسنا، الغاء وزارة مثل وزارة الري لا يندرج تحت مسمى “هيكلة وزارات”، وانما لعب في خط النار وتهديد للأمن القومي والغذائي السوداني.
وائل عبدالخالق مالك