*خبر وتحليل — عمار العركي: *_الـرباعيـة الدوليـة والـرباعيـة الوطنيـة: اختبار سيــادة الســودان تحــت الـمجهـــر_*

___________________
* في توقيت محسوب بدقة، خرج بيان الرباعية (الولايات المتحدة، السعودية، مصر، الإمارات) متزامنًا مع حزمة عقوبات أمريكية على شخصيات وكيانات سودانية. المشهد يبدو للوهلة الأولى كدعوة للهدنة، ولكنه في العمق يمثل مرحلة جديدة من الضغوط التي تهدف لإعادة رسم موازين النفوذ داخل الخرطوم، وتعطيل الزخم الوطني الذي حققته القوات السودانية في تحرير بارا.
_الرباعية الوطنية في مواجهة الضغوط الدولية_
* “خبر وتحليل” يرى أن بيان الرباعية والعقوبات استهدفا مباشرة أُطلق عليه “الرباعية الوطنية” المكونة من ‘ د.جبريل ، قوات البراء ، قوات المشتركة، المخابرات وقواتها” : فجبريل إبراهيم يمثل البدائل الاقتصادية لمواجهة الحصار، البراء بن مالك كرمز للشرعية الشعبية والميدانية، القوات المشتركة التي تجسد الوحدة الفعلية في الميدان، وجهاز المخابرات العامة بالاضافة لقواته المشارمة ، فهو الذي يوفر الرصد والأدلة لمواجهة التدخلات الخارجية.
* وهدف الرباعية الدولية واضح وجلي بضرورة تقويض هذه الرباعية الوطنية، التى بدأت كاطار للحل العسكري والسياسي وبديل فاعل على الأرض ومضاد لاطماع ومصالح الرباعية الدولية ، ولإعادة إنتاج واقع سياسي يسمح بعودة أدوات الفوضى إلى النفوذ المؤثر.
*__المنطق الميداني والدبلوماسي للتنسيق الدولي__*
* التزامن بين البيان والعقوبات ليس صدفة؛ البيان يوفر غطاءً سياسياً لإبطاء تقدم الجيش والمليشيا، بينما تعمل العقوبات على تحجيم قدرة العناصر الاقتصادية والسياسية التي تهدد المسار المخطط له بهدف: تجميد الحسم الوطني لحساب موازين القوى الخارجية، مع محاولة خلق واقع سياسي متحكّم فيه من بعيد.
*_ردود الفعل المحلية: رفض وإصرار على السيادة_*
* داخل السودان، كان الرد سريعًا وحاسمًا رفض مبدأ إشراك أي دولة متورطة في دعم المليشيات، ومطالب بتوثيق قانوني ودبلوماسي لمحاولات تهريب السلاح والدعم ، القيادات السياسية دعت لعرض ملف العقوبات على الرقابة الدولية، معتبرة المقاربة أحادية الهدف، وغير مستندة على حقيقة ميدانية أو قانونية.
*_وزير الخارجية الجديد: محكّ الواقع الفعلي_*
* مع تعيين محي الدين سالم وزيرًا للخارجية، يقف أمام امتحان عملي من اللحظة الأولى ضمن واحدة من مصفوفة التحديات التي اشرنا لها كأولوية استهلالية يجب البداية منها الممثلة في ” حسم التدخلات الخارجية” ، ومواجه بمعطيات متسارعة لا تسمح بالمحاكاة النظرية. مهمته ليست صياغة بيانات مسبقة أو عقد اجتماعات وهمية، بل تنسيق سريع وواضح للخطوات المقبلة بالتعاون مع القيادة السياسية والاستخباراتية والعسكرية، لضمان اتخاذ مواقف ثابتة وموحدة على صعيد السيادة والدبلوماسية.
*_الاستعداد للزيارة المرتقبة للسعودية: فرصة ومراوغة_*
* زيارة رئيس الوزراء د. كامل إدريس إلى السعودية تمثل اختبارًا حقيقيًا للرد السوداني. يجب على وزير الخارجية تجهيز ملف كامل يتضمن: أدلة على تدفقات السلاح والمرتزقة، بدائل اقتصادية لتخفيف أثر العقوبات، خارطة طرق دبلوماسية مشتركة مع مصر ودول أفريقية، ورسالة واضحة للرياض: حماية الأمن الإقليمي وحقوق السودان، دون السماح بفرض أجندات خارجية على الدولة السيادية.
*_المسارات العملية: دبلوماسية، قانونية، إعلامية_*
* الاستفادة من الآليات الدولية ضرورة ملحة، بتوثيق كل مسار تمويل وتهريب السلاح، رفع شكاوى رسمية للاتحاد الأفريقي ومجلس الأمن، وإطلاق حملات دبلوماسية لإظهار ازدواجية المعايير في فرض العقوبات. في الوقت ذاته، الاستعداد للطعن القانوني في قوائم العقوبات وطلب معلومات رسمية من واشنطن يضع السودان في موقف دفاعي واستراتيجي متقدم.
* الإعلام الداخلي والخارجي يجب أن ينقل رسائل واضحة، باستمرار المسارين العسكري والدبلوماسي، وحماية السيادة، وفضح أي محاولات للتساوي بين الجيش ومليشيات.
*_الرباعية الوطنية: تحويل التهديد إلى فرصة_*
* “الرباعية الوطنية” المستهدفة تتحول إلى منصة عمل متكاملة : جبريل يقود الجهد الاقتصادي، المخابرات توفر الأدلة الاستخباراتية، القوات المشتركة تضمن الأمن الميداني، والبراء يمثل الشرعية الشعبية في كل محفل. الربط بين السياسة والاقتصاد والاستخبارات والميدان يحوّل أي تهديد خارجي إلى فرصة لمقاومة استراتيجية فعّالة.
*_خلاصة القول ومنتهاه_*
* ما صدر ، ليس مجرد بيان آخر ولا حزمة عقوبات عابرة، بل محاولة مدروسة لاحتواء الزخم الوطني عبر أدوات سياسية واقتصادية ودبلوماسية. الرهان الحقيقي هو تحويل الرباعية الوطنية إلى آلية عمل فعلية: (اقتصاد صامد، استخبارات دقيقة، قوة ميدانية موحدة، ودبلوماسية تواجه بالحقائق ) . على وزير الخارجية الجديد أن يجعل من أولوياته في قادم الأيام ، بناء هذا الجسر بين الدبلوماسية والسيادة والميدان، قبل أن يملأ الفراغ أي طرف يسعى لإعادة إنتاج واقع يخدم مصالحه وليس مصلحة السودان وسيادته.

مقالات ذات صلة