*قحت (زنوبة )الوطن التي تجملت بالمدنية واغتسلت بدم الفاشر”*

تعمل غرف قحت الآن وكأنها شركة متخصصة في صناعة الغيبوبة الوطنية بعد كل دم يراق في دارفور وبعد كل صرخة تطلع من رحم المجازر يخرج علينا إعلامهم ببيانات ناعمة وكلمات مخدّرة عن هدنة وسلام ومرحلة جديدة وهم يعرفون أن الحقيقة عكس ما يقولون يعرفون أن ما يجري هو تدمير منظم للوطن وأن مجزرة الفاشر ليست حدثاً عابراً بل جرحاً مفتوحاً في وجه التاريخ لكنهم يهربون من المواجهة ويختبئون خلف شعارات جوفاء ويتقنون فن إشغال الناس عن الحقيقة ليغسلوا أيديهم من دم الضحايا إن غرفهم لا تنتج أخباراً بل تصنع الوهم وتعيد تدوير الأكاذيب في شكل بيانات سياسية مكررة لإيهام الشعب أن هناك أملاً في الوقت الذي تحترق فيه المدن وتُغتصب النساء وتُنهب البيوت ويُدفن الأطفال تحت الركام بينما قادة قحت يتحدثون عن هدنة لا وجود لها وعن مفاوضات لا أثر لها وعن حلول مؤجلة لا يريدون لها أن تنتهي لأن استمرار الدم يمنحهم حياة سياسية جديدة إنهم يبيعون الألم في نشرات الأخبار ويشترون الصمت بالتصريحات المسيسة ويقلبون الحقائق حتى يبدوا القاتل ضحية والضحية متهم ويشغلون الناس بخلافات مصنوعة بين أطراف ميتة سياسياً ليُخفوا تورطهم في حماية الدول الداعمة للمليشيا التي ارتكبت المجزرة إنهم لا يختلفون عن تلك المليشيا في شيء كلاهما يمارس القتل أحدهما بالرصاص والآخر بالكذب أحدهما ينهب الأرض والآخر ينهب الوعي كلاهما يساهم في تمديد الكارثة لأن سقوط الحقيقة أخطر من سقوط مدينة واحدةقحت التي صدّرت نفسها يوماً على أنها صوت الثورة أصبحت اليوم صدى للسلطة وللمال وللتوجيه الخارجي كل غرفهم الإعلامية تحولت إلى أبواق تضلل الرأي العام وتشوه وعي الناس لتبدو الجريمة حادثاً عرضياً لا يستحق المحاسبة وليبدو القاتل مجرد طرف في نزاع سياسي وكأن الدم الذي سال في الفاشر لا قيمة له ولا يستحق أن يُذكر بالاسم هم اليوم يهربون كما يهرب السليم من الأجرب يفرون من الوطن الذي أوصلوه إلى الهاوية ويغلقون هواتفهم عن الحقيقة ويعيشون في عواصم الأمان بينما شعبهم يموت جوعاً وخوفاً ورعباً يتحدثون عن الثورة وكأنهم لم يقتلوها بأنفسهم عن الحرية وكأنهم لم يدفنوها في بيانات الهدنة الكاذبة وعن المدنية وكأنهم لم يبيعوها في أول صفقة مع المليشيا كل كلمة يكتبونها اليوم جريمة وكل صمت يصدر عنهم مشاركة في القتل إن التضليل الذي يمارسونه بعد مجزرة الفاشر ليس مجرد خطأ إعلامي بل تواطؤ كامل مع المجرمين لأنهم يعرفون من أين جاءت الأسلحة ومن موّل المعركة ومن أدار غرف السيطرة ومع ذلك يصمتون بل يوجهون أبواقهم لمهاجمة من يطالب بالعدالة ومن يسأل عن التحقيق إنهم يخافون من كشف الحقيقة لأن الحقيقة ستفضح الجميع من باع ومن خان ومن سكت إن الشعب الذي رأى الصور والفيديوهات وعرف تفاصيل المجازر لم يعد في حاجة لبياناتهم الباردة ولا لابتساماتهم التلفزيونية المزيفة ولا لحواراتهم الدبلوماسية المكررة الشعب يعرف الآن أن قحت تحولت من مشروع وطني إلى غطاء سياسي للخراب وأنها تمارس التواطؤ باسم الحرية والتجميل باسم المدنية والتخاذل باسم الواقعية السياسية ولكن التاريخ لا يرحم ولا ينسى والدم لا يُغسل بالتصريحات ولا تُطفأ النار بالوعود إن الفاشر لا تحتاج إلى هدنة إعلامية بل إلى عدالة حقيقية إلى محاسبة كل من شارك في التغطية على الجريمة سواء بسلاحه أو ببيانه أو بصمته إن كل حرف من بياناتهم بعد المجزرة هو طعنة في جسد الوطن وكل خبر عن هدنة لا وجود لها هو خيانة جديدة تضاف إلى سجلالخيانات الطويلة كفى تلاعباً بالوجع وكفى استثماراً في الموت وكفى استهبالاً على وعي هذا الشعب لن تنجحوا في تحويل الكارثة إلى مشهد من التوازنات السياسية ولن تُفلحوا في تزيين القبح تحت عنوان الواقعية إن الحقيقة أوضح من أن تُخفى والمأساة أعمق من أن تُبرر والمجرمون معروفون بأسمائهم ومن تستر عليهم سيُحاكم في ضمير هذا الشعب قبل أن يُحاكم في أي محكمة إنكم يا قحت لستم سوى صدى لماضٍ عفن لا يختلف في جوهره عن من قتلوا الفاشر بأيديهم، أنتم من قتلها بالكذب والصمت، واللعنة على كل من صنع من الدم عنوانًا للتفاوض ومن الخراب ورقة سياسية للمساومة، سيأتي يوم تُفتح فيه ملفاتكم جميعًا وسينكشف كيف عملت غرفكم ليلًا ونهارًا لتغطية الجريمة، وكيف بعتم الوطن باسم المدنية وذبحتم الثورة باسم الحرية، وسيروي التاريخ كيف خذلتم شعبًا كان يؤمن أنكم البديل فصرتم العار، وتركتم الوطن غارقًا في الدم بينما أنتم تحسبون المكاسب في صالونات السياسة، لكن لا هدنة مع الحقيقة ولا نسيان مع الجريمة والعدالة ستأتي مهما طال الزمن.

مقالات ذات صلة

Optimized by Optimole