الشيخ الشاعر محمد عبدالقادر
كرف المعلم بأم المدارس .
المعلم المعهدي المريخابي القامة.
ولد في مدينة الكرفاب بالشمالية، عام 1909
لكنه لم يكن يعترف بذاك التاريخ حين يحس انه بات “قديما ” فيجيب اصدقاؤه مازحا لحظة سؤاله عن تاريخ ميلاده بقوله “مكتوب فى الباسبورت اقراهو 1916
وكان اول مرة يستخرج جوازا للسفر فى العام 1954 حين كان ينوى السفر الى مصر ، فلقد كانت مصر احد هواجسه ،كان قد هرب اليها رفقة الشيخ عوض عمر الامام بغرض الدراسة فى مصرلكنهم حين وصولهم الى محطة اسوان اخبر اهلهم بعض اهلهم فى اسوان ان لايتركونهم يسافروا وهكذا بقى الشيخ كرف فى اسوان وظل يعمل فى بقالة باجر قدره خمسة قروش ، حتى تمت إعادته لاهله فى امدرمان ليكمل دراسته فى
المعهد العلمي
🔸️مراحل التعليم
تلقى مراحله التعليمية الأولى فى شمالي السودان ثم التحق بمعهد أمدرمان العلمي ونال فيه شهادة العالمية وتخرج معلماً فى معهد بخت الرضا وعمل معلماً للغة العربية طوال حياته .
زامل من طلاب
المعهد العلمي بأم درمان التجاني يوسف بشير ومحمد عبد الوهاب القاضي والناصر قريب الله من رموز المعهد العلمي في الشعر من الشعراء الذين يشار اليهم بالبنان فى السودان.
ومن الذين عاصروه السيد حسن الطاهر زروق والسيد عبد الكريم ميرغنى والبروفيسور عبد الله الطيب والشيخ على الصلحى كان مريخابياً سديداً وله أبيات اعتمدت كنشيد لنادي المريخ .
🔸️مسيرة العطاء التربوي كانت اول مدرسة عمل بها هى كمبونى … انتقل من الكمبونى الى مدرسة أمدرمان الاهلية وظل يعمل بها حتى تم ضمها الى وزارة التعليم وعمل بمدرسة أمدرمان الثانوية للبنات ظل وفيا لمهنة التدريس حتى وفاته حيث بعد ان نزل للمعاش كان يدرس الطلاب فى بيته ..
الشيخ كرف
كان رساما فذا وخطاطاو شاعرا من القامات الشعرية فى بلادنا فهو منحوت فى قلوب الذين درسهم
🔸️لعل احد أهم الشهادات التى كتبت فى حق الشاعر كرف والتى كان يفتخر بها ، هى ما خطه الراحل الاستاذ أحمد الطيب احمد حينما كان مفتشا للغة العربية فى معاهد بخت الرضا حيث كتب عن كرف “استاذ متمكن من مادته ومن الطريقة” والطريقة لمن لا يعرفها هى طرق تدريس المناهج فى المراحل المدرسية المختلفة التى كانت تعدها بخت الرضا وتعد بالتالى المعلمين الذين يدرسونها فكان يتم تدريسها لمعلمى المراحل الابتدائية والوسطى
🔸️كان عضوا لندوة الطيب السراج العلمية، “شعراء الكتيبة” التي انتسب لها علماً وهي جماعة شعراء أكثرها من تتلمذ على الشيخ الطيب السراج. وكانت تجتمع في مكتبة حسن بدري بأم درمان. ووصف أحدهم أشعارهم بالإخوانيات من هجاء ومراسلات على طريقة “العباسيين المتأخرين ويسود لغتهم الحوشي (الغريب)، والسخرية، وذم الزمان”.
كما كان عضوا في اتحاد الأدباء
🔸”إرث أدبي ناقص… وشاعر لم يكتمل حضوره”️
مساهماته فى المنهج المدرسى فعندما بدأ السلم التعلميى العام 1969وضع منهجا للغة العربية ولكنه للاسف مفقود ولا يعرف احد
اين ذهب؟
وكتب ايضا عن “طه حسين ” كتابا”مع ابوالعلاء فى سجنه ، لكنه ايضا اختفى فى ظرف غامض ..وكذا لديه كتاب حول “النقد الادبى لطلاب الشهادة السودانية وتمت صياغته ، لكنه اختفى ايضا ..!
“🔸و️هب عمره للعائلة فكان عنوان الوفاء”
”ولانه كان انسانا وفيا فإنه تنازل عن حقه فى الزواج لاجل ابناء اخوته الذين أخذ على عاتقه تربيتهم وحين نضجت ثمار ابناء اخوته كان هو فى سن لا تسمح له بالزواج ”
🔸صفحات من شهادات الوفاء له
️مما قيل عنه
عبد القادر كرف كان معطاءا لايهتم كثيرا بالدرجات الوظيفية كان كل همه ان يؤدى واجبه ، لذلك لم تتم ترقيته ولم يصبح وكيلا أو مديرا بل كان دائما هو المعلم الذى ينتمى للغة العربية .
وحين تقاعد للمعاش كان راتبه المعاشى لا يزيد عن ال”102 ” جنيها “…؟؟؟
فى قاع الدرجات الوظيفية ، وحاول اصدقاؤه الى ترقيته لكنهم اصطدموا ببروقراطية الجهاز الحكومى ففعلوا ما هو أهم من الوظيفة فحفظوا له شعره فى أشرطة التسجيل فقد كان يهمل هذا الجانب ايضا
🔸️الإنتاج الشعري
له ديوان مخطوط.
شاعر تقليدي، نظم في المديح والوصف، وله مقطوعات هجائية وقصائد في بعض المناسبات
– له قصائد نشرت في عدد من الصحف السودانية، منها: القرآن – جريدة الصحافة – 10 من ديسمبر 1978،
الشيخ الشاعر كرف احد الظرفاء الذين يتميزون بالسحر فى الحديث ، وكان ايضا من الشعراء الذين تنثال الشاعرية لديهم بعفوية كالشلال
واحيانا يعن له أن يغنى فلا يتردد ذلك ان صوته به تطريب لا يستهان به عذبا رقراقا
حكى عنه محمد سعيد القدال أنه “كان إذا ما هبط عليه وحى الشعرفإنه يقتطع ورقة ويكتب فيها ما هبط عليه ويرميها وحين يعود لا يجدها حيث غالبا تطالها الايدى وترمى بها ككم مهمل …!
🔸️كان صديقا للمغنين بخاصة سرور الذى حين رحل كتب على قبره بيتين ما زالا مقروءان لمن يزور قبر الراحل سرور فى اسمرا ، ومن جاء بالرخام الذى كتب عليه البتيتن كان صديقه الراحل خضر حمد وتمت كتابة البييتن واعادة الرخام الى اسمرا .. ..
أصبحت أول ما صدحت مغردا
باسم الديار وكنت أبرع من شدا
ولك الروائع من أغانيك التي
مازال يسرى في النفوس لها صدى
يا باعث الفن الأصيل تحية
من شاطئ النيلين يغمرها الندى
تغشى ثراك وتستهل غمامة
تهمي وتسقى بالدموع المرقدا
حين زار الرئيس جمال عبد الناصر السودان كتب يقول وهو الذى كان يكن لعبد الناصر محبة خاصة ، كتب يقول
“بلوت الخطوب الوانها
وقد فلّ عزمك طغيانها
ولم تسترح الى خطة يقال غد ضل حسبانها “
ويقول فى مقطع آخر
“وأقبلت تخطو فى شكة
مهيب الجلالة مزدانها “
..
ولم ينس الانتفاضة فى ابريل من العام 1985 حين قال
“لمن البنود خفقن خفقا
بعد التباس وحزنا صفقا
رفت على خضر الربى ومن عيون النيل تسقى “
وفى نفس القصيدة نجده حزينا لاعدام الشيخ محمود محمد طه حيث يقول
“ماذا جنى محمود ينحر ثم فى الدهماء يلقى ؟”
نتمنى ان يتم جمع ديوانه ونشره فهو واحد من الشعراء الذين الى جانب انهم كانوا عمدا من اعمدة التعليم فهو شاعر يستحق ان نحتفى به وبشعره ونحفظه للاجيال
🔸️كما رآه زملاؤه وتلاميذه
يقول بروفسر عون الشريف قاسم : «اشتهر كرف بتضلعه في اللغة العربية وهو حجة في علوم العربية جمعاء، ورغم خلفيته الدينية فإن في شعره انطلاقاً وحرية وفي غزله رقة ولطفاً، وقد التزم في شعره بالأوزان والقوافي التقليدية، وله موقف معلن من الشعر الحديث (شعر التفعيلة والمرسل)».
🖊ذكر الشاعر صديق مدثر تلمذته على يد كرف في لقاء له بالسودانيين في الرياض. وقال إنه كان يرعى ملكة الشعر فيمن توسم فيهم الملكة.
🖊رثاه بروفسر عبد الله الطيب قائلاً:
سقت قبرك الغيمة المرجحنة
يا كرف الخير والموت سنة
عطفت فلم ألو عنك الأعنة
وكم ليَ من حَنّة بعد حنة
تولت سنين الصبا الوارفات
ولم تبق إلا العجاف المسنة
🖋كتب عنه الخليفة محمد تاج السر علي الشيخ من جيرة أ. كرف في حي العمدة.
كرف رحمه الله تعود أصوله إلى الجعليين.
ويحكي ان عبد الله الطيب ركب عربته من الخرطوم لزيارة كرف في حي العمدة بامدرمان فمر بدكان عمنا سليمان محمد سليمان في بداية شارع كرري في السوق. فلاحظ لافتة الدكان بخط جميل مكتوب عليها (سليمان محمد سليمان الفاكهاني).
فقال في نفسه، وقد وجد صحة النسبة إلى فاكهة لا كما نقول “فكهنجي”،
لا بد ان كرف هو من صمم وكتب اللافتة. وكان كرف خطاطاً من الدرجة. الاولي.ولما وصل عبد الله حي العمدة سأل كرف فاكد له أنه من كتبها
ولما كنت في المدرسة الاهلية الثانوية بين 1961 و 1965
كانت عندي مجلة حائطية اسمها (النهضة). ذهبت لجارنا أ.كرف في منزله طالبا منه قصيدة لمجلتي فاملي علي قصيدة بعنوان (وطني) قال فيها:
(وطني احبك حب محتسب
لم يلف عند هواك من وطر
والظالمون وان عفوت لهم
فلسوف يلفحهم لظي سقر
متفيئين ظلال اندية
متقابلين بها علي سرر).
🔸️حينما.. غني الكابلي ضنين الوعد تأبط كرف كرباجه ..* !
لاتقل إني بعيدٌ فى
الثري
فخيال الشعر يرتاد
الثريٌا
سوف يظل .. السودان من أثرى وأغنى .. البلاد العربية بالشعر والقصيد الرصين ..
وتعتبر .. رائعة الشاعر المتميز .. صديق مدثر .. (ضنين الوعد) ..
من روائع ذلك القرن المنصرم .. وهي كتبت عام 1968.
إحتفى وإحتفل بها كل عالمنا العربي .. لِما فيها من صدق المشاعر وجزالة المعني .. ورصانة التعبير .. وسعة الخيال .. وللقصيدة .. طرفة وحدث موثق لمرحلة رقي وسمو شعبنا السوداني المثقف .. بل المترع بالثقافة .. والذوق الرفيع ..حكي المبدع عبد الكريم الكابلي .. عن الضجه اللغوية التي صاحبت نشر وإذاعة قصيدة ضنين الوعد .. قال :
ما أن غنيت الاغنية عبر الاذاعة السودانيه .. فرح وطرب لها أهل السودان طرباً .. أدهش كل المراقبين ..
ولكن بينما أنا في مناسبة كبيره إنتحى بي الاستاذ اللغوي الكبير والشاعرالضخم ..
محمد عبد القادر كرف .. وقال لي وهو ممسك بيدى :
ياعبد الكريم العملتوه إنت وصديق دا شنو ..
كيف تقولوا ياضنين الوعد ..(الصحيح ياضنيناً بالوعد) ..
كلم صديق قول ليهو ( أ.كرف )مادرسك الفعل اللازم والمتعدي .
قال : تركت كل شئ و هاتفت .. صديق مدثر .. الحق الحق ياصديق في مصيبه وقعت .. فحكيت ليهو الحكايه كلها .. فقال لي :
يا كابلي .. صحيح دي فاتت علينا كلنا كيف .. عدل عدل .. عدلنا القصيدة .. وإعدنا تسجيلها مرة ثانيه .. وقلت لصديق مدثر .. لابد من ملاقاتك لاستاذ كرف .. والاعتذار له .. ضحك طويلا .. وقال لي : ياكابلي مابقدر .. دا ياخي لسع شايل الخيزرانه الكان بجلدنا بيها .. عاوزو يقوم يجلدني قدام الوليدات فضحكنا وإنصرفنا .
( وفي عيني المني
قالها الدمع فما
أبصرت شيئا )
قلت .. لاستاذ كابلي في حواري معه .. الملاحظ الدقيق يلاحظ أنك .. حينما تغني هذه القصيدة .. تؤديها .. بالصيغتين .. ياضنين .. الوعد .. ويا ضنينا بالوعد .. قال لي نعم قصدت من ذلك التوثيق لهذا الحدث … حتي تتعلم الاجيال وتدرك بانه لاكبير علي التصحيح والتصويب .
لله دركم ……….
لكرف وصديق مدثر والكابلى الرحمةوالمغفرة .
🌷
يا ضنين الوعد
أهديتُكَ حُبي
من فؤادٍ يحملُ الحُبّ نديا
إن يكن حسنك مجهول المدى
فخيالُ الشعرِ يرتادُ الثريا
كلما أخفيته بالقلب
تُنبِئُ عنه عيناكَ ولا يخفى عليَّا
أنا إن شئتُ فمن أعماقِ قلبي
أُرسِلُ الألحانَ شلالاً رويا
وأبُثُ الليلَ أسرار الهوى
وأصوغُ الصبحَ ثوباً بابليا
لا تقل إني بعيدٌ في الثرى
فخيالُ الشعرِ يرتادُ الثريا
يا ضنيناً بالوعدِ
كان بالأمسِ لقاءنا عابراً
كان وهماً … كان رمزاً عبقريا
كان لولا أنني أبصرته
وتبينتُ ارتعاشاً في يديّا
بعضـ أحلامي التي أنسجها
في خيالي واناجيها مليا
ومضةٌ عشتُ على إشراقها
وانقضت عجلى
وما اصغت إليّا
كلمةٌ خبأتها في خافقي
وترفقتُ بها براً حفيا
من دمي غذيتُها
حتى غدت ذاتَ جرس
يأسرُ الأذنَ شجيا
وافترقنا وبعينيّ المنى
قالها الدمعُ فما أبصرتُ شيئا
إن تكن أنت جميلاً
فأنا شاعرٌ يستنطقُ الصخرَ العصيَّا
إن تكن أنت بعيداً عن يدي
فخيالي يُدرك النائي القصيَّا
🔸️رحل بصمت الكبار بعد عمرٍ من العطاء
توفي المعلم الشاعر كرف في مدينة أم درمان.
فى يوم– 16من أغسطس العام 1989
رحل بعد عمرٍ من العطاء، وترك في القلوب أثراً لا يُمحى. علّم وربّى، وكان مثالاً في الوفاء والإخلاص. اليوم لا نملك له سوى الدعاء، نسأل الله أن يجزيه خير الجزاء، وأن يجعل ما قدّمه في ميزان حسناته، وينزله منازل الصالحين. له منا دعواتٌ صادقات بالرحمة والرضوان، وبأن يُكرم مثواه كما أكرم من حوله بحياته.
المصادر
مقال عبد الله علي إبراهيم
19 / 3/ 2024سودان بوست
Walid Dalil
الانترنت




