– لم يحتمل “وليد مادبو” وطأة الانتظار في خانة المثقف الليبرالي الحُر الذي ينظر لحرب 15 أبريل من رؤية صفوية مستقلة تتجاوز الحزب والجهة والقبيلة، فانهار بيته الزجاجي دفعةً واحدة وسال من وجهه القناع الكريمي، وتعرّى كما ولدته أمه ، رزيقياً صرفاً ، لا فرق بينه وأصغر مجّند من عيال “جِنيد” في مليشيا الجنجويد المجرمة !!
– ظل “وليد مادبو” محتفظاً بوقاره الأكاديمي ومكياجه الثقافي، كما يحتفظ بنظاراته الطبية وربطة عنقه ، وهو يطل من على شاشة قناة الجزيرة في “الدوحة” حيث يقيم بعيداً جداً عن بوادي البقارة، يعلق على أخبار غزوات الجنجويد للخرطوم وبحري وأم درمان والجنينة وزالنجي، بلغة وسطية باردة ، دون إدانة ظاهرة لجرائم حرب مليشيا الدعم السريع وفظاعاتها الموثقة بالصوت والصورة في كل أرض دخلتها، حتى إذا ما اقتربت نار الحرب وصوت السوخوي من “الضعين” حاضرة الرزيقات (قبيلة وليد)، تحوّل دون تدرج من مثقف ليبرالي إلى مثقف رعوي ديماجوجي لا فرق بينه وحميدتي وعبدالرحيم دقلو إلاّ في طريقة التعبير عن الحالة الرعوية المجرمة !!
– لا يهتم “مادبو” بحريق الخرطوم وقتل الجنجويد لآلاف المواطنين وحبس آلافاً مدنيين آخرين، لم يكترث للأزمة الإنسانية الكبرى التي عاشها سكان مدينة بحري الذين ظلوا منذ بداية الحرب بلا مياه شرب ولا كهرباء ولا مستشفيات ، بعد احتلال المليشيا للمدينة ودخولها الكثير من بيوت المواطنين، لا يعنيه نزوح أهل أم درمان المهدي والخليفة التعايشي وجده مادبو الكبير ، ونهب كل ممتلكاتهم وإتلاف كل مواقع خدماتهم، لم يحفل بقتل المواطنين ونهب سياراتهم في ولاية الجزيرة قلب السودان النابض ومزيجه الإثني البديع ، لكنه انتفض يعوي مذعوراً كذئب جريح ، عندما ضرب الطيران الحربي السوداني معسكر التمرد ومواقعه ومخازن منهوبات أهل السودان المخزنة في “الضعين” !!
– لم يستح المثقف الرعوي من السقوط في امتحان العلمية والمنطقية وهو يقارن بين القوات المسلحة السودانية والدعم السريع ، معتبراً كليهما مليشيا !! فالجيش عند “مادبو الصغير” (مليشيا قبلية) مثلها مثل الدعم السريع، وإن كان الفرق حسب مقاله الأخير (الحجة الدامغة في مواجهة نيران المدفعية الآثمة) أن قيادة الدعم السريع منسجمة قبلياً !! ومادبو يكذّب هنا على نفسه قبل قرائه ، فقائد الجيش السوداني الفريق أول “عبدالفتاح البرهان” من قبيلة (الجعليين) في ولاية نهر النيل ، بينما نائبه الفريق أول” شمس الدين الكباشي” من (النوبة) في جنوب كردفان ، ومساعد القائد “إبراهيم جابر” من “الرزيقات” قبيلة مادبو وحميدتي !! فكيف يكون جيشنا القومي قبلياً يا هداك الله ؟!
– صحيح أن قيادة المليشيا منسجمة قبلياً وإثنياً – كما قال المثقف الرعوي – وهل أدل على انسجام من أن يكون القائد أخاً لنائب القائد وأبوهما حمدان وبقية الإدارات موزعة على اخوانهم وأعمامهم وخيلانهم وأبناء أعمامهم من آل دقلو !!
– يقول “وليد مادبو” في مقاله الأخير ( إن “العقل المركزي” لا يستعظِم الفاحشة ولا يحسبها ظلماً إلّا إذا اُرتكبت في ذويه). ويا له من توصيف بليغ وصف به “وليد” حالته تماماً ، إذ أنه -للأسف- لم يستعظِم جرائم وفواحش الحرب إلاّ عندما ضرب الطيران “الضعين” !!
– “وليد مادبو” مثقف حالة لا مثقف أصالة، مثقف شعبوي ديماجوجي وليس مثقف مبدئي صاحب قضية ، مثقف أزمة وليس مثقف حل.
*صحيفة الكرامة*