لا يخفى على أحد أن التيار السياسي الأكثر أهمية في الساحة الآن، هو تيار الإسلاميين، وهذه حقيقة ماثلة، تطابق موقفهم مع موقف عموم الشعب السوداني، الذي قرر حسم التمرد منذ بواكير الحرب.
صعد نجم الإسلاميين السياسي والجماهيري بعد حرب ١٥/ أبريل، عندما تداعى الآلاف من شبابهم إلى معسكرات الجيش للقتال ضد التمرد المدعوم أجنبياً، حملوا البندقية لتحرير السودان من سجن اختطاف القرار الوطني لصالح المطامع الدولية؛ ذلك السجن الذي شيدته قوى الحرية والتغيير منذ العام ٢٠١٩ م، وظنت أنها أحكمت سياجه.
تعاقبت المآسي الكبرى على السودان خلال خمسة أعوام مضت، وما زالت المأساة الكبرى مستمرة،، علماً بأن الكثير من تلك المآسي ارتبطت بها أو نجمت عنها، وهي انهيار النادي السياسي الوطني، وتأسيس ناد آخر محله، يقوم على العمالة للخارج، بيع المواقف، والتكسب من الازمة الوطنية.
ولكن اصطدم النادي الجديد بذلك الموقع الوازن للإسلاميين وبعض الجماعات السياسية في المجتمع السوداني، هو ما دفع بقوى الحرية والتغيير للتحايل على الوضع الدستوري بشتى السبل حتى تقطع الطريق أمام أي دعوة لانتخابات، لأنها تعلم علم اليقين أن صناديق الاقتراع ستأتي بالإسلاميين محمولين على الأعناق.
والحال أن رحلة التأسيس السياسي الجديدة في عهد قحت قبل الحرب وأثناء استعارها، تجلت في تلك المواقف المخزية، والتي كشفت عن وجه قبيح للعمالة والارتماء في حضن المستعمر الجديد، وذلك الخطاب البائس الذي مارس نوعاً من تجويف الوطنية وتجريفها لصالح شق المجتمع وتأهيله للحرب الأهلية.
واليوم، تكتمل قراءة المشهد، في تناسله الميليشياوي وفساده السياسي، أن الضفة الأخرى لمعركة الكرامة قد طفحت بجثة مجموعة أحزاب ق. ح. ت، وقريبا سيقبرها الإسلاميون في مثواها الأخير.
محبتي واحترامي