(١)
قال الأمين العام لحزب الأمة الواثق البرير: (إبعاد المؤتمر الوطني من العملية السياسية رفض لممارسته القمعية والفاسدة وتأكيد لضرورة بناء نظام جديد قائم على العدالة والمساواة والديمقراطية والكرامة الإنسانية)
لست مؤتمرا وطنيا ولكن لا توجد قوى سياسية لها الحق في الوصاية واحتكار عملية الحوار حول مسألة الحكم في السودان فالكل شركاء في تعطيل قضايا البناء الوطني والديمقراطي منذ الاستقلال ،والشيء الطبيعي ان يكونوا شركاء في مراجعة التجربة السياسية الوطنية ومن ثم ان يكونوا شركاء في بناء العقد الاجتماعي الناظم لهوادي الحكم . لكن تصريحات البرير تستبطن الذهنية الارستقراطية شبه الاقطاعيه فلا غرو فان الطائفية طبقة ارستقراطية تعمل بمبدأ الوراثة في القيادة والطاعة المطلقة من الاتباع فهل صعد الواثق البرير إلى منصب الأمين العام للحزب بالعطاء الفكري والكسب السياسي والتدرج التنظيمي الطبيعي وتم انتخابه من قواعد حزب الامة ؟؟
الأصل ان التدافع السياسي بين القوى السياسية الوطنية يجب أن يدار بالحجاج الفكري والسياسي والفيصل المجتمع والحكم صندوق الانتخابات وهذه العملية سماها هابرماس فضاءات الممارسة التواصلية التفاعلية بين الاجتماع السياسي.
(٢)
إن عبرة التجربة السياسية الوطنية الملهمة علمتنا ان الاقصاء يولد الاقصاء المضاد فقد تم إقصاء الحزب الشيوعي عام ١٩٦٥ وكانت ردة فعله تقويض التجربة الديمقراطية الثانية في انقلاب مايو ١٩٦٩ وانقلاب هاشم العطا يوليو ١٩٧١م ، وتم إقصاء الجبهة الاسلامية القومية من حكومة الوفاق مارس ١٩٨٩،وكانت ردت فعلها انقلاب الانقاذ في يونيو ١٩٨٩م .أقصى تحالف قحت / تقدم كل القوى السياسية الوطنية بعد ثورة ديسمبر ٢٠١٨ وكانت ردة الفعل تحالف تلك القوى السياسية مع المكون العسكري وعزل تحالف قحت من السلطة في اكتوبر ٢٠٢١ ، وبدلا من اندماج قحت مع الجماهير لاستعادة مهام ثورة ديسمبر كما تزعم وهي كذوب طفقت بالاستقواء بدولة الامارات وتحريض مليشيا آل دقلو الارهابية على شن حرب ١٥ ابريل ٢٠٢٣م ضد المجتمع والجيش والدولة وهي تتوهم بان هذا التحالف الشرير سينتصر على الشعب والجيش السوداني ثم يسلمهم السلطة على طبق من ذهب.ويهتفون مدنياااااو . حقا انها قيادات أخسف الله شمس عقولهم ولو كانت سلعا تباع لكتب عليها منتهية الصلاحية
(٣)
ان عبرة التجربة السياسية الوطنية الملهمة علمتنا ان التناحر بين القوى السياسية المدنية يخلق حالة القابلية للاستقواء بالمؤسسة العسكرية ووأد التجارب الديمقراطية وهي في صراع الرؤى والتكوين.
ان عبرة التجارب السياسية الوطنية الملهمة علمتنا ايضا ان تكتل القوى السياسية هو الطريق للخلاص من الأنظمة الشمولية، وتجلى ذلك في ثورتي اكتوبر ١٩٦٤ ضد الفريق عبود ، وابريل ١٩٨٥م ضد المشير جعفر نميري.
هذا الإلهام السياسي التاريخي في التوافق بين القوى السياسية يجب تطويره ببناء الكتلة التاريخية الحرجة لصناعة المشروع الوطني الديمقراطي المستدام وهنا تتجلى العبقرية في الخروج من الدورة الشريرة التي مازت تجربة الحكم في السودان ديمقراطية/ انقلاب/ انتفاضة ثم انقسامات ترتد باختطاف التجربة الديمقراطية قبل إكمال دورتها.
(٤)
إن حزب المؤتمر الوطني جزء من تيار فكري وسياسي مستمر منذ اربعينات القرن الماضي واذا كان ثبات الأشجار يقاس بعمق جذورها فان التيار الاسلامي الوطني هو الأكثر عمقا في المجتمع السوداني، ويملك رصيد تجربة في إدارة الدولة وسجل انجازات شاهقة في كل القطاعات ولديه في خدمة الشعب عرق ودم ، وثمرة تجربته في الحكم تبدت في حكومة الوفاق الوطني الاخيرة والتي كانت مناصفة مع القوى السياسية الوطنية الحية. وكل قياداته التي مثلت أمام العدالة في مزاعم قضايا فساد بعد ما يسمى بثورة ديسمبر ٢٠١٨م نالت صك البراءة.
بالمقابل فإن سجل انجازات حزب الأمة القومي وكتلة تحالف تقدم / قحت في مشروع النهضة الوطنية مقارنة مع التيار الاسلامي الوطني (عدم)
(٥)
القصة اللطيفة تروي ان مالك بن زيد التميمي كان آبل زمانه وعندما تزوج أسند مهام الرعاية والسقاية لشقيقه سعد ولم يكن بذات الحذاقة وأورد الإبل ماء لا تصل إليه بالاستقاء ثم اشتمل ونام وعندما جاء اخوه ارتجز البيت الشهير. أوردها سعد وسعد مشتمل ما هكذا ياسعد تورد الإبل. والبيت يضرب لمن لا يحذق مهامه.
إن قيادات تحالف قحت / تقدم متهمة بالتواطؤ والشراكة مع قوى الشر الإقليمية والدولية ومليشيا آل دقلو الارهابية في شن حرب ١٥ ابريل ٢٠٢٣ الدموية الموجهة ضد الدولة والجيش والمجتمع السوداني بالتالي قبل تصديكم للحوار حول مهام العملية السياسية المطلوب منكم التحلي بالشجاعة والمثول أمام الأجهزة العدلية ومواجهة القضايا الجنائية الموجهة ضدكم ، كما واجه قادة النظام السابق بثبات وجسارة العدالة.
كذلك المطلوب من قيادات تحالف تقدم التحلي بالأخلاق ومواجهة المحاكمة الاخلاقية والسياسية من قواعدكم الحزبية والشعب السوداني وقد فررتم الى الخارج وآثرتم السلامة الشخصية والأسرية وتركتم قواعدكم والشعب السوداني في مواجهة بندقية حليفكم ذئاب آل دقلو الضالة والقائد الجسور يستبين معدنه عند الملمات والتحديات الوطنية.
(٦)
إن تصريحات الواثق البرير كالسم في الدسم وينزع من وراءها احداث خلخلة وشروخات بين القوى السياسية والمجتمعية المساندة للجيش في معركة الكرامة والشرف الوطني.
وان كان ذلك كذلك فإن المطلوب من القوى السياسية المساندة للجيش عدم فتح اي نافذة للتفاوض مع قيادات تحالف تقدم حتى تقضي العدالة مجراها فيهم.
كذلك المطلوب منهم تطوير الإسناد العسكري للجيش الى تحالف سياسي استراتيجي يشكل النواة الصلبة للكتلة التاريخية الحرجة للتوافق حول تحديات ما بعد الحرب والمتمثلة في إعادة الاعمار وإدارة مهام المرحلة الانتقالية وبناء العقد الاجتماعي وركيزته نظام ديمقراطي ذي خصوصية سودانية ومستدام.
الجمعة: ٢٠٢٤/٩/٢٠