وسط لهب الحرب، وبين ركام المؤسسات المنهارة، ظهر مشروع حكومة د. كامل إدريس كمبادرة وطنية يقودها العقل لا البندقية. تعيينات هذه الحكومة الانتقالية اتسمت في غالبها الأعم بالاعتماد على الكفاءة المهنية لا الترضيات الحزبية، وعلى الانتماء للوطن لا الولاء السياسي، فدخلها وزراء بتخصصات حقيقية، شهادات مثبتة، وسير ذاتية حقيقية.
حسب متابعتي فان معظم من تولّوا حقائب وزارية في حكومة د. كامل إدريس هم/ن تكنوقراط سودانيون ظلوا على اتصال بقضايا بلادهم، وكانوا من القلة الذين لم يهربوا أو يختبئوا خلف جدران الحياد البارد حين اشتعلت الحرب.
فيما عدا وزراء الحركات المسلحة الذين جاؤوا بموجب اتفاق جوبا للسلام، فإن بقية أعضاء الحكومة هم من التكنوقراط الذين لا يمثلون أحزاباً سياسية. أما وزير العدل عبدالله درف، فرغم انتقادات البعض لانتمائه لحزب المؤتمر الوطني، إلا أن اختياره تم في إطار معادلة تمثيل المكونات الاجتماعية لشرق السودان، وليس بناءً على خلفيته الحزبية.
من يروج لسردية “الحياد” في لحظة مثل هذه، عليه أن يتذكر أن هناك موقف يجب أن يتم إحترامه يرى أن الحياد في مواجهة الميليشيات والخراب هو خيانة مقنّعة. بعضهم يقول إن الجيش جيش الكيزان، وأن أي دعم له هو دعم لفلول النظام السابق. لكن الحقيقة أبسط وأوضح: الجيش، رغم اختراقاته، هو ما تبقى من مؤسسات الدولة، وهو الحائط الأخير قبل سقوط كامل السودان في يد مليشيا قبلية متوحشة.
تكنوقراط السودان لم يلتفوا حول الجيش فقط، بل التفوا حول فكرة الدولة، التي يُمثل الجيش عمودها الفقري في لحظة الانهيار. وقبولهم بالتكليف الوزاري لم يكن تمجيدًا للعسكر أو للحرب، بل محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من بقايا الدولة وخدمة معاش الناس والحرص على اعادة أعمار ما دمرته الحرب خاصة فيما يتعلق بالخدمات من الكهرباء، والبنى التحتية، وعموم الإدارة العامة.
إلى صديقي الذي قال: “أنت تنتقد حكومة التأسيس التي يرعاها الدعم السريع، لماذا لا تكتب عن حكومة كامل إدريس؟”
أقول لك الفرق بين حكومة يرعاها مليشيا نهب واغتصاب، وأخرى تتكون من تكنوقراط، هو فرق بين مشروع بقاء ومشروع إبادة.
أنا أنتقد محاولة إنشاء حكومة لتحالف “التأسيس” لأن أي حكومة يتم بناؤها على فوهة بندقية الدعم السريع هي مشروع فصل عنصري، مشروع مافياوي قائم على السلب، لا على بناء الدولة. الدعم السريع لا يرعى حكومة، بل يفرض وصاية على المدنيين، ويستغل وجوههم كمطية لتجميل صورته الدموية أمام الخارج.
أما حكومة د. كامل إدريس، فهي لا تملك دبابة واحدة، ولا تُسيّر طائرة. تملك فقط العقول، والخبرة، والنوايا الصادقة.
حسب عدد الوزراء في حكومة كامل إدريس حتى الان فان نسبة 80% منهم يحملون درجات علمية عليا وسيرة ذاتية مثبتة في العمل الاداري والقيادي في القطاعات العامة والخاصة سواء داخل او خارج السودان، 60% منهم عملوا في مؤسسات أممية أو دولية، لكنهم لم يترددوا في قبول التكليف والقيام بأعباء دورهم الوطني تجاه دولتهم وشعوبهم.
من يعتقد أن الشعب السوداني سيُخدع مرة أخرى بسردية “الجيش الكيزاني”، فهو لم يفهم بعد أن المعركة الآن في حقيقتها هي بين الدولة والفوضى.
وإذا كانت هناك فرصة لبعث الدولة، فستأتي من مبادرات متجردة وصادقة مثل حكومة د. كامل إدريس التي نعي أن تناقضات الواقع وما يحيط بالدولة قد لا يساعدها أن تنجح بشكل كبير ولكنها على الأقل تمتلك شرف المحاولة والتضحية من أجل هذا الشعب وعودة حياته الي وضعها الطبيعي والاستقرار والتنمية في ظل واقع وطني واقليمي و دولي معقد، فإن لم يكن لهم شرف النجاح في مهتمهم فيكفينا واياهم شرف المحاولة والاجتهاد بصدق وتجرد من أجل الوطن والشعب.
وائل عبدالخالق مالك
#جيش_واحد_شعب_واحد
#مافي_مليشيا_بتحكم_دولة
#ضد_الجنجويد
#جيشنا
#حكومة_الامل
#السودان_ينتصر
#التكنوقراط_اختاروا_البلد
#لا_لحكومة_الميليشيا
#نعم_للدولة