تابعت وقرأت العديد من الآراء والتعليقات التي جاءت في أغلبها من منسوبي تحالف صمود ضد رأيي المبذول حول دعم حكومة د. كامل ادريس في مقال الأمس بعنوان “حين قرر التكنوقراط ألا يهربوا من الوطن” ..
وايمانا مني بضرورة الحوار وقبولي الرأي الآخر اود أن أضيف بعضا من ارائي حول خيار الحياد وخيار دعم مؤسسات الدولة امعانا في فتح حوارات يتفق أو يختلف حولها باريحية، فقط سأحاول أن تبتعد عن الشعاراتية الفارغة والهتافية الفضفاضة وتلميحات الاخرين والتجريم المعتادة من منسوبي تنظيمات صمود الذين يعتقدون انهم يمسكون بتلابيب الموقف السياسي الصحيح بل ويزايدون اخلاقيا على الاخر المختلف في الرأي والموقف وهي في قناعتي ليست الا نتاج عجز عن مقارعة الرأي بالرأي والحجة بالحجة ليس الا .. كما ان سياسة الفزع كما القطيع لمحاولة تفريغ أي رأي مختلف من محتواه هو نهج شمولي ودكتاتوري بامتياز أتمنى أن نتخلص منها كعادة ذميمة ومشوههة في ممارستنا وسلوكنا السياسي ..
في تقديري الشخصي فان الوطن يمر بلحظة وطنية حرجة، اختلطت فيها الأصوات والمواقف، وذابت الخطوط الفاصلة بين الانحياز والنزاهة، ظهرت نغمة جديدة تقدم نفسها كأنها الخيار الأخلاقي الأعلى وهو الحياد..
لكن فلنواجه الحقيقة دون مواربة
ما يحدث في السودان اليوم ليس نزاعا بين متساويين. ليس بين طرفين يتنازعان سلطة سياسية في ظروف طبيعية، ولا هو اختلاف رؤى بين تيارات مدنية متباينة.
إننا أمام انهيار شامل، أمام بلد يقتلع من جذوره، أمام مؤسسات تتهاوى، أمام مدنيين يذبحون ويهجرون ويغتصبون، أمام محاولة ممنهجة لدفن كل ما تبقى من ملامح الدولة…
في هذا السياق، لا يعود الحياد فضيلة. بل قد يصبح شكلا من أشكال التواطؤ…
لا يمكنك أن تكون محايدا بين من يريد بناء الدولة، ومن يسعى لنسفها..
الذين يتمسكون بـالحياد اليوم إما لم يدركوا بعد فداحة اللحظة، أو وجدوا في هذه المنطقة الرمادية ملاذا مريحا من عبء اتخاذ الموقف…
لكن لا حياد في زمن القتل، لا حياد حين تهاجم المدن ويجوع الناس ويرعب الأطفال، لا حياد بين من يدافع – حتى لو بوسائل ناقصة – عن فكرة الدولة، وبين من يبني مشروعه على أنقاضها…
الذين يربطون موقف دعم الدولة ومؤسساتها بالماضي السياسي للجيش، يغفلون أن المؤسسات لا تستبدل في لحظة، ولا تلغى لأنها خضعت يوما لسلطة ظالمة…
الدولة ليست كيانا معصوما، لكنها الإطار الوحيد الذي يمكن من خلاله بناء العدالة، المحاسبة، والديمقراطية…
إن تحطيم ما تبقى من هياكلها، تحت ذريعة أنها مخترقة أو فاسدة، لن ينتج ثورة، بل فوضى، ومليشيات، وخرائط جهوية جديدة، لن تقوم بعدها للسودان قائمة…
الحكمة لا تعني النكوص، والوطنية ليست شعارا يرفع وقت الرخاء ويطوى وقت العاصفة…
من اختاروا الانخراط في مشاريع إنقاذ الدولة – حتى إن لم تكن مثالية – لا يفعلون ذلك طمعا في منصب أو تماهي مع العسكر، بل بدافع إنساني ووطني عميق، أن يبقى للسودان عنوان، ومؤسسات، وحدود، وراية مرفوعة…
نعم، نحن نريد دولة مدنية ديمقراطية، عادلة، خالية من الفساد، محصنة من التمكين… لكن هذه الدولة لن تسقط من السماء… لا تبنى بالشعارات وحدها، بل تتطلب شجاعة اتخاذ موقف، خاصة حين ينهار كل شيء..
دعم مؤسسات الدولة اليوم، ليس خضوعا، بل مقاومة…
دعم التكنوقراط الوطنيين، ليس تمكينا جديدا، بل محاولة أخيرة لوقف الانزلاق نحو الهاوية…
لسنا مضطرين للاختيار بين التطبيل والخيانة… هناك طريق ثالث
طريق بناء الدولة بمنهجية، ووعي، وصبر، حتى لو كانت البداية تحت النار…
التاريخ لا يرحم المتفرجين. وسيسجل أن البعض انشغل بتشريح نوايا من يحاولون الإنقاذ، أكثر من انشغاله بوقف الجريمة…
في زمن الكارثة، لا فضيلة أعلى من اتخاذ موقف واضح.. مع بقاء الدولة، ضد سقوطها بيد الفوضى…
وائل عبدالخالق مالك
#جيشنا
#جيش_واحد_شعب_واحد
#التكنوقراط_اختاروا_البلد
#ضد_الجنجويد
#مافي_مليشيا_بتحكم_دولة
#حكومة_الامل