*خمسة أعوام على الرحيل ضياء الدين بلال*

قبل خمسة أعوام، غاب عن دنيانا الأستاذ الإنسان كمال حسن بخيت، رئيس تحرير عددٍ من الصحف السودانية والكاتب الصحفي المعروف.

أبو مصعب، صاحب العلاقات الواسعة والمتفرّدة داخل السودان وخارجه، وصديق عظماء الشعراء والمفكرين؛ محمود درويش، والفيتوري، وغادة السمان، ومنصور خالد وغيرهم.

الراحل كمال بخيت كان من أميز صُنّاع صفحات المنوعات والفنون في الصحافة السودانية، وصاحب عناوين خالدة في أرشيفها الممتد، وهو الذي قدّم المبدعين إلى الجمهور.
ولا يزال الناس يذكرون كيف قدّم صاحبة الصوت العذب الشجي، سميرة دنيا، بعنوان باهر وجاذب: “دنيا اسمها سميرة”.

كما عُرف الأستاذ كمال بحواراته الماتعة مع المفكرين والسياسيين والشعراء والأدباء، تحت عنوانه الشهير أوراق العمر.

عاشرته رئيساً لتحرير العزيزة الرأي العام وهي في قمة سطوعها، وكنتُ مديراً للتحرير مع صديق الروح والود الجميل أبو حباب. كان بين ثلاثتنا ودٌ ممتد، وضحكٌ وطرائف ومقالب بريئة، ووجبات مشتركة.

ولأستاذ كمال معرفة أمدرمانية دقيقة بأطيب محال الطعام: السمك من السبكي، والفول من فريد، واللحوم من البرنس، والبطيخ (حمرة وحلا).
كان يدعوني للإفطار معه فأعتذر قائلاً: (فاطر يا أستاذ ما عاوز). فيرد بمقولته المأثورة: (لا تتعجّل يا ضياء، تأتي الرغبة حينما يحضر الطعام).

كان كريماً، بشوشاً، مضيافاً، مكتبه لا يخلو من الزوار من مختلف طبقات المجتمع، وهناك تتدفق القصص والحكاوي، وتخرج الأسرار والنوادر: (حاج رحمة، خلي النار تحمى ونادوا لي أمير التلب).

لم يغضب منه أحد قط، فقد كان صديق الجميع وخلّهم الوفي؛ صريحاً ومباشراً، لكنه لا يحرج أحداً، ولا يخدش مشاعر، ولا يكسر خاطراً.

صارع المرض بصبرٍ وثباتٍ وجلَد، وبمعينٍ أسريٍّ حنونٍ لا ينضب.
ورغم لزومه المنزل سنواتٍ وتوقفه عن العمل، ظلّ متابعاً لتفاصيل الشأن العام، بسياساته وفنونه وخيره وشره، والعالم السري للأشياء.

رحم الله الأستاذ كمال حسن بخيت، وتغمّده بواسع رحمته، وأسكنه فسيح جناته مع الصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً.

مقالات ذات صلة