أدت القسم كأول امرأة تقود النيابة العامة في السودان،،
انتصار عبد العال،، المرأة الحديدية..
تأكيدات بملاحقة مرتكبي الجرائم والانتهاكات، ومكافحة الفساد..
حرص على محاسبة كل من يعبث بمقدرات الشعب، أو يصادر حقوقه..
مصدر قانوني: تعيينها أحدث تحولات نوعية في المشهد القانوني بالبلاد..
تقرير: إسماعيل جبريل تيسو..
في سابقة تاريخية، والأولى من نوعها على مستوى سلطة النيابة العامة، أدت مولانا انتصار أحمد عبد العال القسم نائباً عاماً لجمهورية السودان، وذلك أمام رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول الركن عبدالفتاح البرهان، بحضور ممثل رئيس القضاء، والأمين العام لمجلس السيادة الفريق ركن دكتور محمد الغالي علي يوسف، وتكتسب الخطوة أهميتها لكون مولانا انتصار عبد العال هي أول امرأة سودانية تعتلي هذا المنصب الرفيع.
امرأة حديدية:
ومولانا انتصار عبد العال، المعروفة بين زملائها بـ” المرأة الحديدية”، ليست جديدة على ساحات العدالة والقانون، فهي من أقدم المستشارين في النيابة حيث تنتمي إلى دفعة العام 1988م، وقد راكمت خبرات واسعة في مجالات القانون الجنائي والإداري، وقد تعرضت لظلم بالغ من لجنة إزالة التمكين التي كانت قد أحالتها تعسفياً للصالح العام، قبل أن تعود بقرار قضائي أنصفها وأكد على صلابتها وإصرارها على انتزاع حقوقها بالقانون، وعملت مولانا انتصار رئيساً للإدارة القانونية بالبنك الزراعي السوداني منذ العام 2011م، ثم انتقلت لتشغل منصب رئيس الإدارة القانونية بوزارة الرعاية الاجتماعية، وعندما فُصلت النيابة العامة عن وزارة العدل في العام 2017م، اختارت مولانا انتصار الانخراط في العمل النيابي المباشر، متنقلة بين إداراته المختلفة حتى وصلت إلى منصب النائب العام لجمهورية السودان، وتتميز مولانا انتصار بشخصية قوية، ومهنية عالية لا ينقصها حزم إداري، ودقة في العمل، واجتهاد واضح في الدفاع عن حقوق العاملين ” حقَّانية”، فضلاً تمتعها بخلق ودين، ما منحها احتراماً واسعاً في أوساط الحقل القضائي، والمجتمع القانوني.
أولويات:
وعقب أدائها القسم قالت مولانا انتصار أحمد عبد العال إن أولويات عمل النيابة العامة تتمثل في ملاحقة مرتكبي الجرائم والانتهاكات الجسيمة، ومكافحة الفساد بكل أنواعه، والعمل الجاد على عدم الافلات من العقاب، مؤكدة حرصها على حماية الفئات الأكثر هشاشة في المجتمع خاصة النساء والأطفال وضمان وصولهم للعدالة بيسر وإنصاف، مضيفة أن العدالة تبنى من خلال الثقة التي نزرعها في نفوس المواطنين، مبينة استشعارها عظم المسؤولية والتكليف، مؤكدة التزامها المطلق بحماية سيادة حكم القانون وترسيخ قيم العدالة وصون كرامة الإنسان السوداني، وقالت مولانا انتصار إن أبواب النيابة العامة ستظل مفتوحة للجميع، وإنها ستعمل على تعزيز التواصل مع المجتمع وتكريس مبدأ الشفافية لضمان تحقيق العدالة للجميع دون استثناء، وأضافت: “سأظل خادمة لهذا الوطن أضع العدالة نصب أعيني وأجعل مصلحة السودان وأبنائه وبناته هي البوصلة التي توجه خطواتنا في إرساء دعائم العدالة “.
واقع معقّد:
وبشأن توقيت تعيينها، قالت مولانا انتصار عبد العال إن البلاد تواجه واقعاً معقداً فرضته ظروف الحرب التي تضرر منها الجميع، وزادت: “في ظل هذا الواقع تتضاعف مسؤوليتنا لجعل سيادة القانون أداءً لتحقيق العدالة وحماية الحقوق باعتبار أن القانون يعد مظلة جامعة لصون الكرامة الإنسانية وضمان الحقوق دون تمييز” مبينة أن السودان يمر بمرحلة دقيقة وحساسة من تاريخه تتطلب التعاون والتكاتف من أجل حماية الوحدة الوطنية، وتماسك النسيج الاجتماعي، مؤكدة قدرة الشعب السوداني على تجاوز العديد من التحديات التي تواجهه، مبينة أن النيابة العامة تمثل إحدى ركائز الدولة وضمانتها الأساسية لحماية الحقوق، كما أنها تعد الحارس الأمين على حكم القانون والدرع الواقي وصوت المجتمع في مواجهة التجاوزات والانتهاكات، مضيفة أن رسالتها التي ستعمل على تحقيقها هي إعلاء كلمة القانون ومحاسبة كل من تسول له نفسه العبث بمقدرات الشعب السوداني أو مصادرة حقوقه، وأكدت مولانا انتصار أنها ستمضي بعزيمة وإصرار وتعاون مع كافة مؤسسات الدولة وشركاء العدالة محلياً وإقليمياً ودولياً لبناء مؤسسات قوية تُعلي من شأن القانون، وتراعي مصالح وتطلعات الشعب السوداني.
رسائل قوية:
ووفقاً لمصدر قانوني رفيع، فإن وصول امرأة إلى كرسي النائب العام للمرة الأولى في تأريخ السودان، يمثل خطوةً مهمة تعكس تحولات نوعية في المشهد القانوني والسياسي بالبلاد، وتكسر في الوقت نفسه احتكار الرجال لهذا المنصب لعقود طويلة، وهو ما يفتح الباب واسعاً أمام مشاركة النساء في أعلى مواقع اتخاذ القرار، وقال المصدر الذي فضّل حجب اسمه إن الرسالة الاجتماعية التي يمكن قراءتها من تعيين مولانا انتصار عبد العال، تؤكد أن وجود امرأة محافظة، متدينة، وصاحبة سمعة مهنية عالية على رأس الجهاز العدلي، سيعزز من ثقة الرأي العام السوداني في ابتعاد العدالة عن التسييس والولاءات، وأعرب المصدر عن تفاؤله بدخول مولانا انتصار إلى مكتب النائب العام لتقود دفة العدالة في السودان في توقيت حرج وحساس تشهد فيه البلاد حرباً وجودية، أشعلت ثقابها ميليشيا الدعم السريع واستهدفت من خلالها كافة مؤسسات الدولة بما فيها بلاط العدالة والقانون، مبيناً أن هذا التوقيت يمثل تحدياً يواجه النائب العام الجديد ويجعل من وجودها كشخصية قانونية مهنية ومستقلة، أمراً ضرورياً لإعادة الثقة في مؤسسات العدالة، مؤكداً أن عدم انتماء مولانا انتصار عبد العال لأي حزب سياسي يضعها في موقع الحياد الذي تحتاجه النيابة العامة لممارسة دورها بعيداً عن الضغوط الحزبية.
خاتمة مهمة:
ومهما يكن من أمر يبقى تعيين مولانا انتصار أحمد عبد العال نائباً عاماً لجمهورية السودان، ليس مجرد قرار إداري روتيني، وإنما يمثل خطوة فارقة في مسار العدالة السودانية، ورسالة أمل للنساء السودانيات بأن الأدوار القيادية لم تعد حكراً على الرجال، وهو موقف يضع مولانا انتصار اليوم أمام امتحان عسير يتمثل في إعادة بناء الثقة في النيابة العامة، وترسيخ استقلاليتها، لاسيما وأن الكثير من السودانيين يترقبون عدالة تنصفهم وتعيد إليهم بعضاً من حقوقهم التي ضاعت في ظل حرب أكلت الأخضر واليابس.