*القصر الجمهوري في السودان: ذاكرة التاريخ ورمز السيادة، لماذا دمَّروه؟ أحمد إبراهيم أبوشوك (1)*

مقدمة

شاهدتُ بحزنٍ عميقٍ تقريرًا بثته قناة الحدث الإماراتية في 25 يناير 2024 عن الدمار الذي حلَّ بالقصر الجمهوري، الذي يرجع تاريخ تأسيسه للعام 1826، أي نحو قرنين من الزمان. فتذكرتُ قصة السلطان العثماني سليمان القانوني (1520-1566) مع المهندس معمار سنان، عندما كلَّف الأخير بهدم إحدى سراياه القديمة وتشييد قصرٍ جديدٍ محلها. وبعد الفراغ من عملية الهدم والتشييد لاحظ السلطان العثماني أنَّ المهندس المعماري قد استخدم طائفتين من الفعلاء (العمال)، إحداهما للهدم والأخرى للبناء، فسأله عن الحكمة وراء ذلك الانتخاب، فردَّ المهندس عليه قائلًا: “مَنْ يصلح للتدمير، لا يصلح للبناء”! إنَّ الذين دمَّروا القصر الجمهوري والمرافق الحكومية والتاريخية في العاصمة الخرطوم والولايات لا يصلحوا لإعادة إعمارها؛ لأنهم جزء من المشكلة وسبب في الخراب. لكن الحديث عن كيفية إعادة الإعمار وبناء الدولة يحتاج إلى فصل آخر، فلذلك يستحسن أن نقدم للقراء نبذةً قصيرةً عن تاريخ القصر الجمهوري، الذي وصفه البروفيسور محمد إبراهيم أبوسليم بـ “القصر الأبيض الجميل، الذي يطل على النيل الأزرق”، ويرمز لتاريخ العهد التركي العثماني (1821-1885) في السُّودان، الذي انتهت حلقاته على سلالم القصر بقتل الجنرال تشارلس غردون، حكمدار السُّودان العام آنذاك، وإفساح المجال إلى عهدٍ وطنيٍ جديدٍ تحت راية الدولة المهدية (1885-1898)؛ ولكن بعد هزيمة الأنصار في معركة كرري (أم درمان)، بدأ الحكم الإنجليزي-المصري (1898-1956) في السُّودان بصلوات شكرٍ مسيحيةٍ أمام خرائب القصر القديم، الذي دمره المهدويون كرهًا في رمزيته “التركية” واستغلالًا لأثاثه في تأسيس عاصمتهم الجديدة بأم درمان. وبعد إخراج المستعمر، واعتراف دولتي الحكم الثنائي (بريطانيا ومصر) باستقلال السُّودان في غرة يناير 1956، سار البرلمانيون وأعضاء مجلس الشيوخ السُّودانيون في موكب تاريخي رهيب من مباني المجلسين (البرلمان والشيوخ) في قلب الخرطوم إلى قصر الحاكم العام وسط أمواج هادرة من الجماهير. وفور وصولهم إلى مقر الحاكم العام بالقصر الأبيض، قام رئيس الحكومة إسماعيل الأزهري وزعيم المعارضة محمد أحمد محجوب بإنزال العلمين البريطاني والمصري، ورفع العلم السُّوداني ذي الألوان الثلاثة (الأزرق، والأخضر، والأصفر) على سارية القصر “الجمهوري” في لحظة نشوةٍ وطنيةٍ عارمةٍ وتفاؤلٍ طامحٍ بنيل الاستقلال، واستشراف مستقبل مشرق للسودانيين. هكذا شكَّل القصر الأبيض رمزًا تاريخيًا وسياديًا في مخيلة الشعب السُّوداني؛ لأنه جسَّد لحظات حاسمةٍ ومتناقضةٍ في تاريخهم السياسي الحديث والمعاصر. إذًا السؤال الذي يطرحه نفسه، متى شُيَّد هذا القصر التاريخي الأبيض، ولماذا دمَّروه؟

(2)
قصر(سرايا) الحكمدارية: النشأة والتطور
يرجع المؤرخون تأسيس القصر إلى الحكمدار محو بك أورفلي (1926)، الذي خلف الحكمدار عثمان بك جركس البرنجي (1824-1825)، الذي نقل عاصمة الحكم التركي-العثماني (1821-1885) من ود مدني إلى الخرطوم عند مقرن النيلين الأزرق والأبيض. وضع محو بك اللبنة الأولى للقصر من الآجر، وأُعيد بناء القصر من الطوب الأخضر في عهد الحكمدار علي خورشيد باشا (1826-1838)، الذي ساهم بقسطٍ وافرٍ في بناء عددٍ من المؤسسات الحكومية والمرافق العامة في الخرطوم؛ ثم أعاد الحكمدار عبد اللطيف باشا عبد الله (1850-1851) بناء القصر للمرة الثالثة من الطوب الأحمر، الذي استُجْلِبَ من خرائب مدينة سوبا القديمة على النيل الأزرق، ووضع في أركانه الحجر الأبيض المنحوت، الذي استجلب من أم درمان. وكان القصر آنذاك، حسب رواية أبوسليم، يتكون من ثلاثة طوابق، وفي شكل نصف مربع، يمتد بناه الرئيس من الشرق إلى الغرب، وله مدخل برج دائري عظيم في الوسط، يطل على النيل الأزرق؛ ويمتد الجناحان من الركنين الشرقي والغربي، شمالًا وجنوبًا. وبعد ذلك شهد القصر تعديلات معمارية طفيفة في عهد الحكمدار أحمد ممتاز باشا (1871-1872) والحكمدار إسماعيل باشا أيوب (1873-1876)، الذي في عهده تمَّ القضاء على آخر سلاطين دارفور، السلطان إبراهيم قرض (1873-1873)، وأضحت دارفور جزءًا من دولة الحكم التركي-العثماني في السُّودان. وصف محمود القباني مدينة الخرطوم في ذلك الوقت بأنها مدينة “جامعة إلى جمال الموقع الطبيعي محاسن النظام المدني، والرونق الحضري. وأكثر ابنيتها من الحجر واللبن الأحمر، مزدانة بالجبس والآجر. وقصورها في غاية البهجة والرونق، وشوارعها منتظمة جدًا. وفيها شارع يبتدئ من شاطئ البحر الأزرق وينتهي في جنوب المدينة، يسمى السكة الجديدة، استعارة من اسم السكة الجديدة في القاهرة. وجميع سكانها محافظين على عاداتهم الأصلية، ثم نشأ فيها التقليد الغربي، وعادات المدنية الأوروبية، وأصبحت أخلاق وعادات السكان من الطبقة الأولى والثانية حتى في المأكل والمشرب أوروبية محضة…. ولسكان الخرطوم ميل شديد إلى تزين المنازل بأدوات الرياش الفاخر، وهم يقتدون بالأوروبيين فيما يخترعونه من أصناف أثاث المنازل وأنواع الملابس، وعندهم من الملاهي وأماكن الرقص والقهاوي ما يزيد على الخمسمائة.” هكذا كانت الخرطوم قبل حصارها وتحريرها عام 1885.
وفي عاصمة الحكم التركي-العثماني حلَّ تشارلس غردون حكمدارًا عامًا (1883-1885) على السُّودان للمرة الثانية، بهدف إخلاء البلاد من القوات العسكرية-المصرية، التي عجزت عن دحر الثورة المهدية، التي اندلعت في الجزيرة أبا على النيل الأبيض، ثم امتدت إلى كردفان وحررت حاضرتها الأُبَيِّض. وبعد الانتصارات التي حققها الإمام محمد أحمد المهدي (1844-1885) وأنصاره في مديرية كردفان والجزيرة، أضحت الخرطوم محط انظارهم إلى أن ضربوا حولها حصارًا خانقًا في النصف الأخير من العام 1884، امتد إلى بضعة أشهر. وفي فجر السادس والعشرين من يناير عام 1885م، أعلن الأنصار الهجوم على الخرطوم، وبموجب ذلك حُررت المدينة، وقُتل الجنرال غردون على سلالم القصر، الذي شيده الأتراك العثمانيون رمزًا لسلطانهم وعنوانًا لسيادتهم. وبعد مقتل غردون، حمل الأنصار رأسه إلى المهدي، “حيث رُفع في العراء لثلاثة أيام” (أبوسليم، القصر الجمهوري، ص 18). وبعد تحرير الخرطوم خُرب قصر الحكمدارية ومباني العاصمة، وحلل أبوسليم التخريب الذي شهدته مدينة الخرطوم بقوله: “إن نشأت مدينة حديثة إلى جوار مدينة قديمة لابد أن يُسرِّع بخراب القديمة وزوالها؛ لأن المدينة الحديثة تنشأ على حساب المدينة القديمة سواء كان ماديًا بأخذ طوبها وأحجارها وأخشابها، كما وقع لمدينة سوبا عند إنشاء الخرطوم، وللخرطوم عند إنشاء أم درمان”؛ أو حضاريًا وتجاريًا مثل ما حدث “لمدينة سواكن عند إنشاء مدينة بورتسودان، ولمدينة بربر التاريخية التي أضعفها ظهور مدينة” أتبرا (عطبرة).

(3)
قصر الحاكم العام في عهد الحكم الإنجليزي-المصري (1898-1956)
بعد هزيمة الأنصار في معركة كرري (أم مدرمان) 1898، دخل الغزاة المنتصرون مدينة الخرطوم، وأدوا صلواتهم المسيحية أمام خرائب القصر، شكرًا للرب الذي مكَّنهم من الانتصار على “الدراويش” ووفاءً لروح شهيد التاج البريطاني الجنرال غردون، ثم رفعوا العلمين البريطاني والعثماني (المصري لاحقًا) على خرائب القصر المهدمة، رمزًا لعودة سيادتهم على السُّودان. ووصف أبوسليم خرائب القصر آنذاك بقوله: “كان منظر القصر وما حوله كئيبًا موحشًا، فقد أخذ الأنصار منه الشبابيك والأبواب والأسقف، وكل ما يستفاد منه ولم يبق من بناء القصر إلا بعض حائط الدور الأرضي، وأما حائط الطابق الأول والثاني فقد هدم من أجل طوبه الذي نقل إلى أم درمان، وقد ملأ ترابه داخل الدور الأرضي وجوانبه.” وبعد أن استقام الحال للغزاة في الخرطوم، شرعوا في إعادة بناء قصر الحاكم العام على الأساس الحجري القديم، وخارطته التركية، التي كانت في شكل نصف مربع وثلاثة طوابق، كما بُنيت جدرانه من الطوب الأحمر. واكتمل البناء عام 1900، وأول حاكم عام سكن فيه هو السير فرانسيس ونجت باشا (1899-1916).

(4)
قصر الجمهوري في العهد الوطني
بعد اعلان استقلال السُّودان في غرة يناير 1956 وخروج السير نوكس هلم (1955-1956)، آخر حاكم بريطاني عامٍ على السُّودان، أصبح القصر مقرًا رسميًا لأعضاء مجلس السيادة، وكان المجلس الأول يتشكل من: أحمد محمد ياسين، وعبد الفتاح المغربي، وأحمد محمد صالح، وسرسيو إيرو، والدرديري محمد عثمان، ورئاسته تناوبًا بينهم. وكان في القصر غرف لضيافة رؤساء الدول وكبار الزوار، ونزل فيها الرئيس الغاني كوامي نكروما (1960-1966)، والرئيس المصري جمال عبد الناصر (1954-1970)، والرئيس اليوغسلافي جوزيف تيتو (1953-1980)، ليونيد بريجنيف (1964-1982)، والملك السعودي فيصل بن عبد العزيز (1964-1975)، والإمبراطور الإثيوبي هيلاسلاسي (1930-1974)، والملكة إليزابيث الثانية (1926-2022). ومن الأحداث التاريخية التي شهدتها أروقة القصر وقاعاته مؤتمر القمة الرابع لجامعة الدولة العربية، الذي عُقِدَ على خلفية حرب النكسة لعام 1967، وعُرف بمؤتمر “اللاءات الثلاثة: لا صلح ولا اعتراف ولا تفاوض مع العدو الصهيوني قبل أن يعود الحق لأصحابه. وشهدت حدائق القصر سلسلةً من الاحتفالات السنوية بأعياد ميلاد ملوك مصر وبريطانيا وجلوسهم على العرش، وكثيرًا من المناسبات الوطنية والاحداث الاجتماعية، ونذكر منها تقديم الجائزة التقديرية للمؤرخ الشيخ محمد عبد الرحيم (1878-1966) في العام 1967. كما كان القصر الجمهوري (منزل الضابط عثمان حاج الحسين أبوشيبة) مقرًا لاختفاء عبد الخالف محجوب، سكرتير الحزب الشيوعي السُّوداني (1927-1971)، وفي أحد مكاتبه أيضًا اُعتقل الرئيس جعفر نميري وبعض أعضاء حكومته أثناء انقلاب يوليو 1971.

متحف القصر
يوجد في الجزء الجنوب الشرقي لمجمع القصر متحف صغير، يطل على شارع الجامعة، وتشمل مقتنياته الأثرية بعض المركبات والسيارات الرئاسية التي كانت تُستخدم في تنقل الحكام البريطانيين وبعض الرؤساء الوطنيين، ولوحات زيتية وصور فوتوغرافية لشخصيات بارزة في العهد الاستعماري والحقبة الوطنية، إلى جانب الهدايا التي أهديت لبعض الحكام والرؤساء، وعدد من الآلات الموسيقية والأواني والأثاثات المنزلية. وكان معظم هذه المقتنيات يوجد في مدخل القصر الشمالي والصالة الممتدة شرقًا وغربًا، التي أشرف على تنظيمها وترتيبها الصادق النور، أمين المتاحف بمصلحة الآثار السُّودانية آنذاك، وذلك بتكليفٍ من عضو مجلس السيادة الأول عبد الفتاح المغربي (1898-1985). وفي العام 1997 نُقلت مقتنيات المتحف من مدخل القصر والصالة إلى مبنى الكنيسة الكاتدرائية، التي افتتحت عام 1912م لإقامة الصلوات المسيحية، وظلت تمارس هذا الدور إلى العام 1971م، حيث أُغلقت لأسباب أمنية، وأنشئت بدلًا عنها كنيسة في حي العمارات. وفي 31 ديسمبر 1999م افتتح الرئيس عمر البشير (1989-2019) متحف القصر في موقعة الجديد، المتحف الذي تعرَّض لتدمير جزئي حسب الصور التي عرضتها قناة الحدث الإماراتية.

المكتبة القصر
حصل قصر الحاكم العام على عدد من الكتب والخرائط والتقارير الرسمية ذات الصلة بالسُّودان؛ إلا أنها لم تحفظ وتفهرس بطريقة منظمة، طيلة فترة الحكم الثنائي (1898-1956) وطرفًا من عهد الحكومات الوطنية. وفي العام 1976 قرر إدارة مراسم القصر جمع هذه الكتب والخرائط والتقارير من مكاتب القصر ومخازنه وتبويبها وحفظها في مكتبة، خصصت لهذا الغرض بمبنى القصر الرئيس، وبعد ذلك تضاعفت أعدادها وفاضت عن سعة المكان. وفي العام 2006، أمرت إدارة القصر بنقل المكتبة إلى الجزء الجنوبي الشرقيّ من المبنى؛ لإفساح المكان لمكتب نائب رئيس الجمهورية. وفي موقعها الجديد خُصصت لها قاعتان، إحداهما لحفظ الوثائق والأرشيف الحكومي والأخرى لعرض الكتب والمطبوعات، وقاعة ثالثة للمطالعة واستقبال جمهور القراء والباحثين. والشيء المؤسف أن تكون هذه المقتنيات القيمة والنادرة قد تعرضت للدمار والحريق والخراب بفعل التراشق المدفعي المتبادل بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع المتمردة عليها، أو بسبب جهل الجنود المقيمين في القصر، الذين لا يدركون أهمية هذه المقتنيات التاريخية، التي لا تقدر بثمن، ولا تعوض بمثيل، بل أن ضياعها ضياع لمورثٍ نفيسٍ.

(5)
خاتمة
هكذا يمثل القصر الجمهوري مصدرًا من مصادر تاريخ السودان الحديث والمعاصر ورمزًا لسيادته؛ لكن الشعوب التي تقدر قيمة المكتنزات والآثار التاريخية، شعوب لا تقدير قيمة العطاء الإنساني؛ ولذلك وصفها ابن خلدون بعوائد “التوحّش” التي صارت لها “خُلقًا وجِبِلَّةً”، وسلوكًا منافيًا للعمران ومناقضًا له، وليس عندها “في أخذ أموال الناس حَدٌّ تنتهي إليه، بل كلّما امتدّت أعينُ أفرادها “إلى مالٍ أو متاعٍ أو ماعونٍ انتهبوه. فإذا تَمَّ اقتدارهم على ذلك بالتغلّب والمُلك، بطلت السياسة في حفظ أموال الناس، وخَرِبَ العمران.” ولذلك فإنَّ إعادة الإعمار تحتاج إلى طرائق تفكير مبتكرة، قوامها رؤية استراتيجية لإعادة بناء دولة السُّودان، بعيدًا عن الرؤى المرتكزة إلى النعرات العرقية والعنصرية والخصومات السياسية غير المنتجة. تحتاج القُوى المدنية أن تتوافق على برنامج ينقذ السُّودان من أزمته الراهنة، ولا يعني التوافق أن تتوحد القُوى السياسية، بل يعني أن تقدم كل قوة سياسية أطروحتها؛ لإخراج الوطن من واقعه المأزوم. ثم تُناقش الأطروحات المقدمة في جو تسوده الموضوعية، وتعجم عيدانه الخبرة المتراكمة، وتوجه مساره الالتزامات الأخلاقية التي تقدم الشأن الوطني العام على الشأن الحزبي الضيق. ويمكن لمخرجات مثل هذه الحوارات أن تنتج برنامجًا عمليًا لإعادة الإعمار وبناء الدولة وفق أسس حديثة ومبتكرة، تلبي طموحات الشباب السُّودانيين الذين يحلمون بغدٍ أفضل. ويقتضي بلوغ هذا المنال إجراء مراجعاتٍ جذريةٍ للتركيبات البنيوية والفكرية للقُوى المدنية والأحزاب السياسية والمنظومات الأمنية والعسكرية، تثمر في انتاج قيادات جديدة ورؤى مستقبلية ناضحة، يمكن أن تجيب عن جملة من أسئلة البناء التأسيسية: كيف يُحكم السُّودان؟ وما جذور المشكلات التي أفضت إلى الأزمة السياسية والحرب الراهنة؟ ما الرؤية الاستراتيجية الوطنية التي يمكن أن يتوافق الجميع عليها، للخروج بأهداف ومبادرات، تستطيع أن تقدم معالجات جذرية لمشكلات السُّودان المتراكمة؟ ويقتضي اجتراح الحلول الجذرية المستدامة الابتعاد عن وصفة “قسمة السلطة والثروة” التقليدية والمحروسة بأفواه البنادق والذاهلة عن مقاصد التخطيط الاستراتيجي. فإذا اجتمعت القُوى المدنية والأحزاب السياسية بعد تفرق وتشتت وخصومات شخصية وقطاعية طال أمدها، وتوافقت على سياسات إصلاحية راشدة، غياتها أن الكل يكسب؛ ربما يكون هناك بصيص أمل للتكاتف العضوي، المفضي لإخراج السُّودان من محنته الكبرى، ومستقبله القاتم الذي تتبرص به الدوائر الإقليمية والعالمية الطامعة في ثرواته.

مقالات ذات صلة