تعطي دولة ٢٠١٩م ، منذ قيامها، “الرأي العام العالمي” أهمية أكثر بكثير مما تعطيه للمحلي. والرأي العام بالنسبة إليها هو الخليج و منصاته و شبكاته ، وقد ساندته أكثر مما ساندت الإعلام المحلي من دون انقطاع، أو تردد، أو مراجعة.
في ذات المنحى ، بات واضحاً أن هناك أكثر من مركز للقرار داخل الدولة ، قبل أسابيع سحبت وزارة الإعلام تراخيص قنوات خليجية ، و اوقفتها عن البث من داخل السودان ،استجابة لضغط شعبي و جماهيري وبعد يومين فقط تراجعت عن القرار.
لعل من الأزمات الكثيرة في السودان استغلال النفوذ لتحقيق أهداف ذاتية، ويجدر الذكر أن بعض الموظفين بمجلس السيادة ومكاتب الجنرالات قد استغلوا الحرب لتحقيق مكاسب خاصة تسببت في ضرر كبير للبلاد، و عطلوا عمل مؤسسات و سحبوا صلاحياتها و تغولوا على مهامها، أحدهم يتحكم في إعلام القصر الرئاسي منذ عهد البشير، وآخر غارق في قضايا فساد من رأسه حتى أخمص قدميه، كلما ظهرت ملفات فساد مالي أو إداري أو تلقي رشاوى إلا وظهر اسمه لامعا كالشمس، ولكنه يحظى بحماية الرئيس الذي يمنحه حصانة مفتوحة أبعدت عنه مخالب القضاء، مما جعله أحد معاول هدم الدولة.
كل هذه الانتكاسات لم تمنع الشجعان من الصدح بالحق وتصحيح المسار، لن نسمح على الإطلاق بأن تُستغَلّ المناصب لتحطيم الدولة، فلطالما كانت أزمة الدولة في تلبُّك سلطاتها، بجانب ذلك نعلم أن الكشف عن عرابي الفساد المحمي بسلطات الدولة وهي تخوض حرباً ضد عدوان مدعوم أجنبياً قرار صعب ولكنه مهم لإنقاذ البلد وتأمين مصالحه العليا.
المدهش في الأمر أن تلفزيون الدولة الرسمي تقدم باكثر من طلب لإجراء مقابلات مع أعضاء مجلس السيادة الانتقالي ، ثلاثة فرق من الهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون تكبدوا المشاق حتى ام درمان لإجراء مقابلة مع “العطا” لم تجد استجابة أو حتى رد إيجاباً أو رفضاً ، ولكن بعض كبار الموظفين بمجلس السيادة ممن تربطهم علاقات مشبوهة مع دوائر أجنبية، اوفدوا فريق قناة “الحدث” التي تبث من الامارات الى الخطوط الأمامية للقيام بمهمة كان أولى بها الإعلام الوطني الذي يعمل في ظروف بالغة التعقيد .
هو ذات المنهج التدميري لأجهزة الدولة ومنها الإعلام الذي ظل متبعا منذ خمس سنوات فلا يوجد زمن منفصل عن زمن، ولا حادث منبت عن سابقه، كل الحلقات في نهر الزمن يمسك بعضها برقاب بعض في أمواج التاريخ.
كل تلك المواقف الرسمية الإقصائية تجاه المؤسسات الوطنية تحتاج لأن نستوعب ما يجري في السودان، بصدق وعمق، اليوم، ومن هي الجهات التي تحرك هؤلاء الأشخاص ما هي محركاتهم،، وما هو الوقود الذي يحرك هذه الآلة السلطوية الضخمة…
ولكل هذا يصبح إنقاذ البلاد من الفوضى والانسداد متقدماً على اللحظة الراهنة والتي ترفع شعاراً مزيفاً (ما تشقوا الصف… نحن في حالة حرب) سنشقه ونحطمه أن استدعى ذلك، فمصير السودانيين ومستقبلهم فوق كل الاعتبارات، ليس بهذه الشعارات الزائفة يحيا الإنسان، بل بالاستقرار والأمان، فهذه الآلة السلطوية استخدمت وسائل متعددة للتكسب غير المشروع، وليس لتحقيق رفاهية الشعب السوداني.
محبتي واحترامي
https://www.facebook.com/share/p/k2VrhnKFKT884kpR/?mibextid=oFDknk