لطالما رددنا أن القرار السوداني يخضع لهيمنة مجموعة من الفاسدين، هذا الطرح مألوف في سردية الحكم في السودان المليئة بالمبالغات، وأحياناً بالمغالطات. في المقابل، يزعم هؤلاء الفاسدون أنهم يعملون من أجل بقاء الدولة عن فنائها وهذا أيضاً ليس صحيحاً.
أهمية الدولة في كونها تعمل باستمرار على الحفاظ على مصالح الشعب ومكتسباته، ويجب أن تتطابق شعاراتها مع سياستها العليا وتعدها رأس حربة في مشروع الحكم…
عندما كتبت مقالي الأول في سلسلة كشف الفساد، عن تجاوزات داخل هيئة الجمارك، راسلني مديرها السابق فريق “بشير الطاهر”، بعد الدعاء علي و ( الحسبنة )، حاول ضغطي لنشر صور لمبنى غير مكتمل، باعتباره المشفى الضخم والإنجاز العظيم الذي افتريت عليه، وعندما أبلغته أنه ما زالت بحوزتي العديد من الملفات اعمل على تفريغها ونشرها بعدها سأقوم بنشر كل التعليقات المرسلة، حاول تهديدي، كان ردي: “يا سعادتك أنا عندي مستندات وما كتبت من فراغ لو حابي ممكن أوصف ليك شارع النيابة عشان تشتكي ضده حقك”.
ومن أبرز ما غاب عن هياج سعادة الفريق، وما تجاوزه من نقاش، وإلى كتابة هذه السطور، هو غياب ذكر أنه مطلوب للتحقيق الإداري داخل وزارة الداخلية بسبب تجاوزات تتعلق بمشروع المستشفى، وغفل أيضا عن تبرير أن اللجنة التي قام بتكوينها لمراجعة ( أعمال التقفيل بالمباني لهيكل مستشفى الجمارك) ، قدمت فاتورة تكلفة وجبات وإيجار سيارة لمدة ثلاثة أيام بقيمة (40.781.830 ) جنيهاً، وافق الفريق “بشير الطاهر” على صرف المبلغ…
المدهش هو إصرار سعادة الفريق على إرجاع أسباب ظهور ملفات فساد حقبته في قيادة هيئة الجمارك إلى وجود «مؤامرة» دبرت بين أطراف عدة، بغرض الوصول إلى محصلة تصفية حسابات قديمة (أنا لا أعلم عنها شيئاً)، فلم ألتق سعادة الفريق في حياتي ولا أذكر أني دخلت مباني رئاسة الجمارك في الخرطوم.
حسناً ذات قضية مستشفى الجمارك، عندما بدأ العمل بها طُرح عطاء لشراء السيخ والخرسانة الجاهزة، قدم المهندس المسؤول يحمل رتبة مقدم حالياً (هذا الشخص ظهر اسمه في عدد من اللجان)، عرض أسعار للخرسانة الجاهزة لكمية (320) طناً بقيمة (24.948.000) جنيهاً، بعد مراجعات فنية بواسطة رجال تعف أنفسهم عن المال العام، وجدوا أن الكمية التي تحتاجها المستشفى من الخرسانة الجاهزة تكلف (9.058.000)، كل ذلك تحت إشراف مدير هيئة الجمارك السابق فريق “بشير الطاهر”.
هزيمة السودان الكارثية، و واحدة من مصائب ونكبات السودانيين هي الفساد المحمي بالسلطة والقانون ، التي سوف تظل أثمانها الفادحة تُدفع جيلاً بعد جيل.
محبتي واحترامي .
https://www.facebook.com/share/p/giodLYFjYYEK5QkJ/?mibextid=oFDknk