الكثير من طلاب العلم يتحدثون في أمر ، يجمعون فيه كلَّ ما هبَّ ودبَّ ، وكلَّ ما ينفع وما لا ينفع ، حتى إن مستمعهم ليطول عليه حديثهم ويملوهم
فمن وجهة نظري :
الناضجُ ينتقي ويختار ، ولذلك تجده يرتب الأولويات ، فيقدم أعلاها ، وينظر في الفرص ، فيختار أجودها ، ويتأمل في الآراء ، فيرجح أوضحها ، ويتفكر في الحجج ، فيقتصر على أقواها ، ويطالع في الأساليب والكلمات ، فيتفوه بأحسنها وأجملها ، ويقلب الأشياء ، فينتقي أجودها وأنفعها ، ويبصر الأوقات والأمكنة ، فيختار أصفاها وأميزها .
فالوفرةُ موجودةٌ في كل شيء : في مجال المعرفة والقراءة ، وفي مجال الأعمال والتجارة ، وفي مجال التفاعل والاجتماع والحركة ، وفي كل جوانب الحياة .
فمن لا ينتقي ، يتشتت ويتأخر ويحتار ، ويهدر وقته ووقت من معه ، ويضيع إمكانياته ، وتفوته كثيرٌ من فرص النجاح وسبل التوفيق .
ومن لا ينتقي من المخلصين النَّصحة ، لا يتحقق مقصوده بنفع السامعين ونصحهم ، ولذا ، فمع معرفتهم بصدقه واحتسابه وعظم اجتهاده في نصحه ، تجدهم يملونه ، ويستثقلون كلماته ، ويغيب عنهم مقصوده ، ولا ينتبه أكثرهم إلى مواطن حديثه التي تشتد حاجتهم إليها ، لأنه يخلط الدُّرَّةَ مع البَعْرَة ، واللُّقْمَةَ مع الحَجَرَة ، وما يعني مع ما لا يعني.
فرحم الله متحدثا ناصحًا انتقى كلماته ، وعَدَّ عباراته ، واختار من آرائه وحججه ما يُبَيِّنُ به مقصوده ويظهره.
والله الهادي الي الصراط .
✍️ زاهر إبراهيم محمد