*فحوصات ..!!* *الطاهر ساتي*

:: قدرة العقل على فهم أمور الحياة، ثم التعامل معها إيجابياً ينفع صاحبه والمجتمع أو يرفع عنهما الضرر، هي المسماة – إصطلاحاً – بالذكاء، وهي من نعم الله على بعض خلقه، فالحياة تضج بآخرين يتعاملون مع أمور الحياة بسلبية تضُرهم و تُرهق المجتمعات..وليس من الذكاء أن يتخذ البعض كل من حوله (عدواً) ، ولو تأملوا في نهجهم هذا سوف يكتشفوا بأنه يقودهم بحيث يكونوا – هم – أعداء الجميع، و أعداء أنفسهم ..!!

:: وعلى سبيل المثال، تحدثت تسريبات الأيام الفائتة عن خضوع المرشح لمنصب وزارة المعادن، نور الدين طه، للفحص الأمني، وكانت النتيجه رفضه، لعمله في معبد يهودي و زيارته لإسرائيل ؟..وعملاً بأحكام المهنة، تحريت و تقصيت، وتوصلت إلى معلومة مفادها : كل ما ذُكر غير صحيح ..فالرجل لم يعمل في معبد يهودي، ولم يزر إسرائيل، ولم يتم رفضه، ومجاز مع آخرين، والإعلان عنهم مسألة وقت، حسب تقدير رئيس الوزراء ..!!

:: والجدير بالإنتباه في شائعة الفحص الأمني هي زيارته لإسرائيل، وهي تُذكرني بحكاية عمنا الذي كان مُنزعجاً من رغبة ولده في الهجرة إلى أمريكا بالتهريب، وكان ينصحه بالعدول عن الفكرة، ولكن الشاب كان متمسكاً بفكرة المغامرة، حتى صحوا ذات يوم على صدى صواريخ مصنع الشفاء، فصاح العم مُبتهجاً : ( أها يلا، أمريكا جاتك في محلك)..ومنذ زيارة وفدها للخرطوم، فالمسؤول السوداني لم يعد بحاجة لزيارة إسرائيل، فهي التي تزورهم ..!!

:: وعلى كل، الفحص الأمني برئ من رفض إبن طه كبراءة الذئب من دم إبن يعقوب ..والمؤسف في الحدث ليس هو تضليل الرأي العام، فالرأي العام تشبع بالتضليل، ويستطيع أن يُميّز، ولا محاولة إغتيال شخصية عامة بالأكاذيب، فالمؤكد أن نور الدائم إعتاد على هذه المحاولات الموبوءة بها ساحات العمل العام في السودان، ولكن المؤسف للغاية هو إستغلال اسم جهاز الأمن والمخابرات العامة لتصفية حسابات شخصية أو حزبية ..!!

:: فالشماعات التي يُمكن أن تُعلّق عليها النُخب السياسية خيباتها وصراعاتها كثيرة، ولا يجب أن تكون أجهزتنا العدلية والأمنية والشُرطية من تلك الشماعات..نعم، فالمحاكم والنيابات وأجهزة الشرطة و الأمن هي مؤسسات بمثابة صمام الأمان للمجتمع، والحصن الأخير لأي مواطن، ولهذا تحرص الشعوب وصحافتهاعلى نقائها وحسن سيرتها ومسيرتها، بحيث تكون بعيدة عن التلوث و الإستغلال ..!!

:: ولو كانت معايير الفحص الأمني كما تهوى الأجندة الحزبية والذاتية، لما إجتازها الكثير من وزراء حكومة كامل إدريس، بل لما إجتازها كامل إدريس في حد ذاته، ولكنها معايير مُقيّدة بالوثيقة الدستورية والقوانين والأجندة الوطنية..ومن محاسن الثورة إنها وضعت أجهزة الدولة بحيث تقف على مسافة واحدة من الناس و الأحزاب ، و لا فضل لأحد على آخر إلا باحترام دستور و قوانين البلد ..!!

:: وليس هناك ما يمنع البعض عن حب الوزير السابق أبو نمو، وليس هناك ما يمنعهم عن كراهية نور الدائم، فالحب والكراهية محض مشاعر يأسف لها النساء، أو كما قال الإعرابي للفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، بعد أن إستلم حقوقه من بيت مال المسلمين، وكان الفاروق قد خاطبه كارهاً : (واللهِ لا أحبُّكَ حتى تحبَّ الأرضُ الدمَ)، وهذا يعني الإمتثال لقواعد العمل العام، وما بها من حقوق و واجبات، بعيداً عن لغة العواطف ..!!

مقالات ذات صلة