*من الاعماق* *الجفلن خلهن اقرع الواقفات* ✍️ *لواء م عابدين الطاهر مدير المباحث الجنائية سابقا*

 

نعم فقد جفلت الخرطوم واختلط حابلها بنابلها وتم احتلال المنازل ونهبت وسلبت الممتلكات وقتلت الانفس وانفلت الامن ولم يتبقي احد الا القليل هنا وهناك فقد خرج سكانها يطلبون الامان وتفرقوا بين الولايات وخارج البلاد وما زالوا … كل الذي حدث كانت له مقدمات وظواهر لم يعبأ بها اولي الامر ولم يتم تقييمها وتحليلها الي ان وقعت الواقعة فقد سبق هذا الطوفان مشاهد وشواهد كان من ابجديات المحترفين في مجال الامن وتحليل الظواهر والمعطيات ان يجعلوه سببا للتنبؤ بما سيحدث ولكنهم لم يفعلوا … قبل هذا الذي حدث في العاصمة توفرت كل الشواهد التي تنبئ بما سيحدث … فقد انتشر السكن العشوائي وتمدد حولها واحاط بالعاصمة احاطة السوار بالمعصم ثم من بعد انتشرت ظاهرة بيع الشاي وظلت اعداد مهولة من المتعطلين وبسيارات فارهة يتحلقون حولهم ولاوقات تمتد لمنتصف الليل مما لا يتوافق والاماكن والميادين التي يتواجدن فيها بالاضافة الي ذلك انتشار الرواكيب وسط الاحياء المخططة وفي قلب العاصمة .. ايضا الزيادة الملحوظة في اعداد السيارات واكتظاظ طرق العاصمة وبصورة ملاحظة كان من الاوجب ان تلفت نظر المسئولين عن الامن والبحث والتقصي …. انتشار المخدرات وظهور انواع جديدة وضبطيات لكميات غير معهودة .داخل حاويات بالموانئ المختلفة مما يشير الي ان هنالك تنظيمات اجرامية دولية تعبث بامن البلاد يستوجب الامر كشف كنهها ومن يقف وراءها وهل الهدف تمويل عمليات ارهابية او تخريبية حيث انه من المعلوم ارتباط تجارة المخدرات بتجارة الاسلحة والعديد من الجرائم الدولية والعابرة . ازدياد الاجانب وبصورة ملحوظة وتجولهم وسط العاصمة وعدم مبالاتهم حيث يتحدثون لغاتهم ولا احد انتبه لهذا الوجود وامتهانهم لعدد من المهن واستئجارهم للمنازل والشقق الفاخرة وباهظة الثمن وامتلاكهم لاموال لا تتناسب ومدد اقامتهم وهنالك الكثير من المعطيات كانت متاحة ولكن يبدو ان الجهات التي يهمها الامر كانت تغط في نوم عميق الي ان وقعت الواقعة .. لقد جفلت العاصمة وانفلتت الامور وحدث الذي حدث وما زال العرض مستمرا ويبقي السؤال … ماذا استفدنا من هذا الدرس وهل فعلنا ما يجب فعله في بقية الولايات الان وتم تامينها حتي لا يتكرر ما حدث والذي اجزم انه سيحدث وبذات المنوال ان لم يجد من يتعامل معه بكل جدية وبقرارات صارمة وجراحات عميقة ومن سلطة تعرف ماذا تريد وماذا يجب ان تفعل .. نعم في العديد من الولايات الامر قاب قوسين او ادني ان يحدث وان لم تستعجل السلطات الخطي فسيحدث نفس المشهد الذي حدث في العاصمة في تلك الولايات اليوم او غد او بعد غد … يجب ان تتخذ القرارات التي تمنع تجمعات ستات الشاي وتمنع تشييد الرواكيب والتبطل والتعطل ويمنع الاجانب من الدخول او التجول او البقاء كيفما يشاؤون واين ما يشاؤون ويجب ان يساءل كل شخص عن هويته وان توضع مواقع الارتكاز في كل الطرق العابرة والداخلية لمراجعة الهوية والتعرف علي الاشخاص وي ب مراجعة كل الاجانب والبحث والاشتباه في اي ظاهرة غير طبيعية وتواجد مثير للشبهات من تجمعات لاجانب .. تنشيط مصادر النعلومات وتبصير المواطن ليساهم في ايصال اي معلومة يعتقد انها تصب في مصلحة مدينته او الحي الذي يقطن فيه وتحديد ارقام هواتف ميسرة للاتصال وتمليك الجهات المختصة تلك المعلومات … نعم الدول المحترمة تعتبر امنها وانت مواطنيها اولوية قصوي وفي سبيل تحقيقه يهون كل عسير وتوفر كل المطلوبات .. ان استمرار التعامل بعفوية لن يجلب الا المزيد من الخراب والدمار وعلينا ان نؤمن بقية الولايات وان نتعامل بجدية وبحزم مع كل الشواهد والمشاهد الغريبة والا نتعاطف مع كل ظاهرة ونبررها بان المعايش جبارة وعلينا ان نغض الطرف ولا نطبق القوانين ونعطلها ظنا بان ذلك نوع من العطف والتعامل الانساني علما بان المشرع عندما وضع تلك القوانين قد راعي مسبقا كل متطلبات الانسانية واطمأن بان هذه النصوص عند تطبيقها ستضمن الامن والامان للجميع وبها يتحقق الهدف الاسمي وهو حق الحياه وحفظ الانفس والامن للجميع .. علي الدولة الا تلدغ من جحر واحد خمسمائة مرة … يجب علي المسئولين بالولايات الآمنة ان يضعوا كل السبل الكفيلة بان تظل تلك الولايات ومدنها المختلفة آمنة وان تبذل كل الذي في وسعها لتجهيز قواتها وامكاناتها في حالة حدوث اي طارئ حتي لا يصبح مصيرها نفس مصير ما حدث بالعاصمة .. علي مواطني تلك الولايات ان يتعلموا من الذي حدث لمواطني العاصمة والا يلدغوا من ذات المشاهد والظواهر السالبة … الا يلدغوا من ذات الافعى التي تمددت ولم يعبأ بها احد …. والعاقل من اتعظ بغيره… والله المستعان …

مقالات ذات صلة