*أسامه عبد الماجد يكتب:* *كامل و (نيويورك) !!*

0 كنت أتوقع من رئيس الوزراء كامل إدريس أن يكون أكثر واقعية – ولا أقول صراحة – في تقييم مشاركته بأعمال الدورة (80) للجمعية العامة للأمم المتحدة. وقد بدأ مؤتمره الصحفي بعد تأخره في المطار، بسبب حضوره حفل استقبال درج السماسرة على تنظيمه منذ عهد الإنقاذ عبر استجلاب فرق شعبية وحشود وهمية.
استهل كامل حديثه على طريقة  “ونحن جلد النمل سالخنو”.. وكرر عبارات تقليدية مثل: “أكدنا أن أهل السودان هم أهل العز والكرامة، وأن السودان بلد عظيم يملك من الموارد والمعادن ما يؤهله لمستقبل واعد، فضلاً عن أطول الأنهار”.
0 لكن واقع الحال أن نتائج مشاركته كانت عادية.. إن لم تكن بلا أي مردود ملموس. فرغم الضجة التي تُثار حول شخصيته وعلاقاته الدولية.. إلا أنه فشل – مثل سلفه حمدوك – في تحقيق أي اختراق حقيقي.. إذ لم يتمكن من عقد أي لقاء مع مسؤولين أمريكيين، لا مع وزير الخارجية مارك روبيو ولا مع مستشار ترمب، مسعد بولس، الذي يتحاور مباشرة مع البرهان ويكلفه مشقة السفر الى سويسرا.. بينما يزور مسعد، الجنرال حفتر في بنغازي اواخر يوليو الماضي.. بينما يُعتبر الأخير في نظر كثير من الدول مجرد قائد مليشيا ولا يتمتع باي شرعية وغير معترف به.
0 كذلك، لم يلتق كامل بأي مسؤول أمريكي آخر حتى من الدرجات الأدنى.. ولا بأي من ممثلي الدول الثلاث الكبرى في الاتحاد الأوروبي (فرنسا، ألمانيا، وإيطاليا).. ولا برئيس المجلس الأوروبي أو مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد.. كما لم تُجرِ معه أي قناة أو وكالة عالمية مقابلة خاصة.. على عكس ما شاهدناه مثلاً مع وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ،على قناة “الشرق”.
0 أما اللقاءات التي عُقدت، مثل اجتماعه بوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف.. فقد كشفت التباين الكبير بين ما نشرته وكالة “سونا” وما ورد في وكالات الأنباء الأخرى.. ما يدل على ضعف تقييم الحكومة وقصر نظرها الإعلامي.. ويبدو أن هناك سوء فهم في تفسير الاتصالات الدبلوماسية.. كما حدث في المكالمة مع وزير الدولة بالخارجية السعودية التي أُسيء فهمها.. ونتجت عنها “فضيحة الزيارة الفاشلة” التي حاول كامل تلميعها لاحقاً.. ووصفها بانها من أعظم الزيارات.
0 لقد أظهرت مشاركة نيويورك كامل إدريس على حقيقته.. بلا تزييف ولا تلميع من المحيطين به ومن يدعموه بلا رشد. لم تُنسق له لقاءات مع دول فاعلة ولا حتى مع دول الجوار.. ما يعكس عمق العزلة التي يعيشها السودان، وهي عزلة لم يتمكن كامل من كسرها أو حتى تخفيفها.. ومشكور وزير الخارجبة محي الدين سالم الذي تفوق على رئيس الوزراء ووظف خبرته الكبيرة وعلاقاته الممتدة.
0 كما كشفت المشاركة ضعف الأداء الدبلوماسي في سفارة السودان بواشنطن بقيادة السفير محمد عبد الله إدريس.. التي فشلت حتى في ترتيب لقاءات مع النخب ومراكز البحوث الأمريكية.. باستثناء لقاء وحيد مع الباحث المتاح في القنوات الفضائية كاميرون هدسون.. والمفارقة أن كامل وجه بتجديد تكليف كل أعضاء البعثتين في واشنطن ونيويورك رغم هذا الأداء الباهت في الأولى، ومنهم دبلوماسي أمضى أكثر من سبع سنوات في موقعه.
0 لم استوثق من صحة المعلومة حتى الان.. ولا أدري على أي أساس استند كامل في هذا القرار.. لكن الواضح أن ما جرى في نيويورك يمثل درساً قاسياً ينبغي الاستفادة منه.. فالأولى برئيس الوزراء أن يراجع حساباته ويركز على الداخل، حيث تتلخص مهامه في ثلاثة ملفات أساسية، تحسين أحوال الناس (الصحة، التعليم، والغذاء)، بسط الأمن، ودفع عجلة التنمية.. والبلاد تحتاج الى إعادة إعمار اكثر من التنمية.
0 أما ملف العلاقات الخارجية لكامل، فقد أثبتت التجربة أنه صفحة بيضاء بلا مضمون وخالية من اي انجاز،. تفتقر إلى التنسيق والرؤية كما حدث في نيويورك.. كما أن مستشاريه يحتاجون إلى مراجعة شاملة، إذ أثبتت زياراته إلى القاهرة والرياض ونيويورك ضعفهم الواضح في العمل العام وغياب الحس التنسيقي والمبادرات الخلاقة.. بل إن أحدهم لا يحترم التسلسل الوظيفي.. ولعل خير مثال ما حدث حين أبعد سفير السودان بواشنطن ليجلس مكانه في القاعة.
0 ومهما يكن من أمر، لا يزال (الأمل) قائماً في أن يترجم كامل إدريس.. هذا العشم الشعبي إلى عمل حقيقي.. لا أن يبقى مجرد شعار يزين به حكومته.

السبت 4 اكتوبر 2025
osaamaaa440@gmail.com

مقالات ذات صلة