*سننهض رغم كيد الأعداء: الوطن الذي توحّد بعد النار*

في زمنٍ أتعبته الحرب وأنهكته الخيانات، كاد الأمل أن يغيب من القلوب، لكن السودان أثبت أنه لا يموت. فها نحن اليوم، رغم الجراح، نرفع رؤوسنا ونقول للعالم أجمع: لم نهزم
لم تهزمنا المليشيا، ولم تنكسر البلاد تحت ركامها، لأن جيشنا الباسل، وقواته المساندة، وأبناء الوطن الخلّص، صمدوا، وقاتلوا، ودفعوا أثمانًا باهظة ليكتبوا بدمهم نهاية القصة.
لقد حاولوا كسرنا، أرادوا تقسيمنا إلى قبائل ومناطق وألوان دم، لكنهم فشلوا.
وها نحن اليوم ننهض لأننا توحّدنا.
نبذنا العنصرية، أسقطنا لغة الكراهية، وفهمنا الدرس الذي تأخرنا في إدراكه: أن من يُقسمنا يسهل عليه أن يقتلنا، وأن الوطن الذي لا يتوحد أمام النار لا يستحق البقاء
لقد هُزمت المليشيا، لا فقط في الميدان، بل في الوعي.انتهت قصتها لأن الشعب كله قال: كفى.
كفى دمًا، كفى زيفًا، كفى من يتحدث باسمنا ليغتصب أرضنا ونساءنا ويبيع بلادنا في سوق الأوهام.
انتهت القصة لأن جيشنا وجنوده الذين خرجوا من قلب هذا الشعب، ومعهم أبناء الوطن في كل الجبهات، كتبوا ببطولاتهم فجرًا جديدًا.
نعم، سننهض رغم كيد الأعداء.
سننهض لأن الخرطوم ستعود، ولأن الفاشر ستغسل حزنها بالمطر، ولأن زالنجي ونيالا سيعودان الي حضن الوطن سوف تفتح أبواب الحياة من جديد.
ستعود المدارس والضحكات، ستعود الأسواق بألوانها، سيعود الأطفال إلى ملاعبهم، وسيعود الجنود إلى بيوتهم يحملون وسام الشرف لا لعنة الحرب.
سيعود الحبيب إلى محبوبته، لا ليبدأ من الصفر، بل ليكملا معًا حلمًا أكبر — حلم وطنٍ صمد، وانتصر، وتطهّر بالنار.لقد أثبتنا أننا شعب لا يُهزم.
قد نتعب، قد ننزف، لكننا لا نُكسر.
ومن رحم هذا الألم خرج الوعي الجديد، وخرجت الوحدة التي لم تصنعها المؤتمرات بل الدماء التي امتزجت على تراب واحد.
انتهت قصة المليشيا، ولن تعود.
لن تعود لأننا عرفت من نحن، وعرفت أن قوتنا في وحدتنا،
لن تعود لأن الوطن كله استيقظ من غيبوبة الخوف، ولأننا تعلمنا أن السلاح الذي لا يحمي الشعب هو سلاح خائن، وأن الوطن الذي لا يجمع أبناءه ليس وطنًا بل ساحة حرب.
سننهض رغم كيد الأعداء، لأننا نملك ما لا يملكه غيرنا: الإيمان العميق بأن هذه الأرض خُلقت لتنهض بعد كل سقوط.
سننهض لأن جيشنا منّا، لا فوقنا.ولأن أبناء الوطن، من كل الجهات، امتزجوا في خندقٍ واحدٍ ليحموا وطنًا واحدًا.
لقد انتهت الحرب في معناها الأعمق حين اتحدت القلوب قبل البنادق.
حين فهمنا أن دارفور والشمالية والشرق والخرطوم ليست خطوطًا في الجغرافيا، بل شريان واحد لوطنٍ واحد، نبضه واحد.
اليوم، ونحن نكتب من بين الرماد، نعلم أن الوطن عائد، لا كما كان، بل أقوى وأعدل وأجمل.
لقد مرّ بالنار، لكنه خرج منها نقيًّا، مؤمنًا، ومتيقنًا أن الخيانة لا تنتصر، وأن دماء الشهداء لا تذهب هدرًا.
هزمتهم إرادتنا، لا بنادقنا وحدها.
هزمناهم حين توحّدنا، وحين أحببنا بعضنا دون أن نسأل: من أي قبيلة أنت؟
وهكذا، نغلق صفحة المليشيا، ونفتح كتاب الوطن الجديد — وطن الحرية والوحدة، وطن لا يركع بعد اليوم، وطن سيكتب على جدار الغد:
“هزمونا في احلامهم ، فهزمناهم في الحقيقة.”

غدًا… سيعود جمعة ومن معه إلى ديارهم، لا يرفعون رايات الهزيمة بل رايات النصر.
سيعودون وقد أسقطوا أسطورة المليشيا التي ظنت أن الدم يُخيف، وأن الوطن يُشترى.
سيعودون كما تعود العاصفة بعد صمت طويل، يحملون في وجوههم ملامح السودان الحر، وفي أيديهم وعد العدالة الذي لا يسقط بالتقادم.
وغدًا، حين يطأ جمعة تراب داره، ستعلم الأرض أن من قاتل لأجلها لا يُهزم أبدًا.

مقالات ذات صلة

Optimized by Optimole