*ثم الوضوح …!!* *الطاهر ساتي*

:: ليس عدلاً أن يتفاجأ الشعب بالحوارات.. فالشاهد، حسب مصادر موثوقة، هناك حوار مرتقب، أسموه بغير الرسمي، بالعاصمة البلجيكية بروكسل، بين حكومة السودان والاتحاد الأوروبي، وذلك يوم الخميس ٢٧ نوفمبر واليوم التالي.. والحكومة لم تٌعلن ذلك، ولا الاتحاد الأوروبي، كلاهما يُريدونه سرياً، ولا ندري لماذا ..؟؟

:: وفد السودان برئاسة الفريق الصادق إسماعيل، مستشار رئيس مجلس السيادة لشؤون المنظمات، وعضوية آخرين يمثلون أجهزة الدولة العسكرية والأمنية والدبلوماسية.. ليناقشوا وقف إطلاق النار و الدور المحتمل للاتحاد الأوروبي في ذلك، و الملف الإنساني، و المسار السياسي والإنتقال نحو حكومة مدنية، و الدروس المستفادة من مرحلة ما بعد التغيير الثوري ..!!

:: ومن الأجندة أيضاً، مناقشة الإنتهاكات الحالية، و المحاسبة والعدالة الانتقالية، و الصراعات السابقة و المحكمة الجنائية الدولية، والسيناريوهات المتوقعة في السودان و المنطقة، والإستفادة من التجارب العالمية وتوصيات مؤتمر القاهرة (2)، ومؤتمر نيون، ثم خارطة الطريق التي قدمتها حكومة السودان للأُمم المتحدة ..!!

:: هكذا الحدث، وليس فيه ما يُعيب غير إخفائه عن الشعب ..ومن المحزن أن يصبح إخفاء الحوارات نهجاً غير حميد .. على سبيل المثال، في الأسابيع الماضية، مباحثات زيوريخ و القاهرة و واشنطن كانت (سرية)، و لولا بيان مشيخة أبوظبي لما علم شعبنا اتصال محمد بن زايد بالبرهان (يوليو 2024)، ولولا إسرائيل لما علم لقاء البرهان ونتنياهو( فبراير 2020) ..والمنامة و…و..!!

:: وما خُفي أكثر.. و من المُعيب أن يكون شعبنا آخر من يعلم ما يحدث في أمره ..فالنهج الحاكم يجب أن يكون شفافاً ومؤسسياً، وعلى مجلس السيادة توسيع قاعدة المشاركة في صناعة القرار، وخاصة حين يكون القرار يحدد مصير وطن وشعبه..فالجيش و قوى الكفاح المسلح، مع مجلس الوزراء، هي أضلاع مثلث القرار بالدولة، أو هذا ما يجب أن يكون عليه الحال..!!

:: ثم القوى الوطنية التي تقاتل مع الجيش و القوات المعاونة في معركة الكرامة، يجب أن تكون جزء من الحكومة في معاركها السياسية، وذلك عبر آليات فاعلة، وقد تم تجريبها في مراحل سابقة، وبها نجحت هذه القوى في حماية ظهر الجيش – من عُملاء المشيخة – بالداخل و الخارج .. !!

:: ودائماً ما تسبق الحكومات مثل هذه المباحثات المهمة بتوصيات تعدها ورش و مراكز دراسات، ولكن في بلادنا فان مراكز الدرسات و الورش – إن وُجدت – مجرد مشاريع إعاشة، لتجاهل الحكومات توصياتها.. فالشعب يدعم البرهان كقائد عام للجيش، و هو دعم مطلق و بلاشروط، لحين تحرير كامل تراب البلد ..!!

:: ولكن من وحي تجارب كارثية، فان هذا الشعب لا يثق في القيادة السياسية التي تعودت على فعل الشئ جهراً وضده سراً، وبهذا النهج قادت البلد من الثورة الى الفوضى، ثم إلى الحرب.. وإن كان البرهان يتمنى أن يذكره التاريخ قائداً انتصر في وجه أكبر مؤامرة دولية ضد السودان، كما قال ذات يوم، فليكن مؤسسياً في صناعة القرار، ثم يقوي الجبهة الوطنية ..!!

:: نعلم أن الحوار لا يعني قبول شروط الطرف الآخر، بل يعني معرفة أجندته ونواياه، و لهذا ليس هناك ما يمنع الحكومة الحوار مع أي آخر، حتى ولو كان هذا الآخر دولة الشر الراعية لمليشيا آل دقلو الإراهبية.. وليس هناك من يرفض الحوار ليخفوه عن الشعب، وكل المطلوب – قبل و بعد الحوار – هو الوضوح مع شعب يحمي ظهر جيشه و يقاسمه التضحيات..!!

مقالات ذات صلة

Optimized by Optimole