حين تتساقط الكلمات مسمومه ويتحوّل اللسان إلى خنجرٍ يطعن القلوب، يولد ما يُعرف بخطاب الكراهيه ؛ ذلك الوحش الخفيّ الذي يتسلّل إلى العقول قبل أن يهدم الجسور بين الأرواح. إنه نداء الظلام الذي يبدّد نور المحبة، ويحوّل الرفاق إلى خصوم، والجيران إلى غرباء.
خطاب الكراهيه لا يفتك بالجسد فقط، بل يفتك بالروح. يسرق من الناس إنسانيتهم، ويغرس مكانها بذور الحقد والفرقه والشتات . وما إن تنتشر تلك البذور، حتى يذبل وجه الوطن، وتتعطّل لغة الود، وتتحول الملامح إلى أسوارٍ من الريبه والخوف.
كم من وطنٍ احترق لأن كلمةً واحدة أُطلقت بلا وعي! وكم من مجتمعٍ تهدّم لأنّ أصوات الكراهيه علت على نداء العقل والرحمه ! فالكلمة حين تخرج من فمٍ غاضب قد تُشعل حرباً، وحين تنبع من قلبٍ حانٍ قد تُنقذ أمه .
وليس في الوجود ما يعيد الحياة إلى القلوب مثل الحبّ والتسامح؛ فهما البلسم الذي يرمم ما أفسدته الكراهيه وهما الضمان الحقيقي لوحدة المجتمع وسلامه. فحيثما سادت الرحمه خمدت نار الفتنه ، وانتصرت الإنسانيه على البغضاء.
عزيزي القارئ الكريم
فلنزرع في قلوبنا لغة السلام بدل الخصام، ولنُعانق الآخر بالكلمة الطيبة، فهي جسر الأمان الذي يعبر بنا نحو غدٍ أكثر صفاءً وعدلاً. فالمجتمع الذي يحيا بالمحبة، لا تهزّه العواصف، ولا تنال منه رياح الحقد، لأنه متماسك بخيوط النور والضمير.
عزيزي القارئ الكريم
هيا بنا معا لنجعل من الكلمه سراجاً لا سِهاماً، ومن اللسان جسراً لا جداراً.
فما خسر مجتمعٌ المحبة إلا وانطفأ فيه النور،
وما انتصرت الرحمه في قلبٍ إلا وأزهرت فيه الحياة.
لنكن نحن الصوت الذي يداوي، لا الذي يُؤذي،
فالوطن لا يبنيه الغضب، بل تبنيه القلوب التي تعرف معنى السلام.
حفظ الله السودان وشعبه الأبي الكريم.




