الذي حدث لـ “أهل دارفور” على فظاعته من قبل الجنجويد على مدار عشرون عاماً حدث للخرطوم، الجزيرة، سنار ، كردفان ، ودارفور مرة أخرى بعد عقدين من التنكيل ، نكل بهم للمرة الثانية في الجنينة ،عندما تمت إبادة (5) الف من المساليت ، وطرد البقية إلى تشاد ، نتاج ذلك أعاد قادة حركات دارفور المسلحة ، تقييم كل ما وقع، ووضع تصوراً مرحلياً لنهاية مرحلة وبدء مرحلة جديدة.
كما ذكرت في المقال السابق ، اني كنت ارافق وفد حركة تحرير السودان -المجلس الانتقالي، بقيادة عضو المجلس السيادي “صلاح رصاص” إلى كسلا ، واتيحت لي فرصة ذهبية لإدارة نقاشات مع جنرالات جيشه، ومعه شخصياً، حول رؤيتهم للحرب ، وقلت لهم :” في إطار تقييم الواقع ،هل كان الذهاب الى الحرب تسرعاً عاطفياً ام ضرورة لها جدواها ؟، أجابني الحارس الشخصي ل”رصاص” يكنى ب “مرقو مرقو” قائلاً” لقد نشأت بمعسكر نزوح ، طردني الجنجويد من ارضي وانا في الرابعة من العمر ، والتحقت بالكفاح المسلح وانا عمري أحد عشر عاماً، شاركت في توقيع ثلاثة اتفاقيات سلام ،كنت حارسا شخصياً ل”الصادق فكة” وشهدت توقيعه للسلام ، وكنت حارساً شخصياً لوالي شمال دارفور المتمرد “نمر عبدالرحمن” ، ولم اضع البندقية، لاني اعلم أن معركتي الحقيقية ضد الجنجويد مؤجلة وحتمية النشوب .
أما امين شؤون الإدارة بجيش حركة تحرير السودان “صديق موسى أرباب” المكنى ب “اماني” ، سألته لماذا ينادونك ب“اماني” أمر مثير للدهشة ، حتى الرئيس خاطبك في محفل رسمي بهذا الاسم ، قال”: اماني هي زوجتي الحالية ، تعرفت عليها عندما وقعت في الأسر في إحدى المعارك إبان حرب الألفية الأولى ، انقذتني اماني” ،لن اضع البندقية حتى اعيد كل سيدات دارفور إلى أرضهم حيث الأمان والطمأنينة .
إذاً الذي يدفع حركات الكفاح المسلح للقتال ضد الجنجويد لا علاقة له بوجودهم شركاء في السلطة ، إنما قضية حقيقية ، وغبن متراكم لعشرون عاماً، وتوق دفاق للعودة إلى الديار التي هجرهم منها الجنجويد .
واضح أن «القوات المشتركة » انتزعت القضية من بقية السودانيين ، وهذا من حقها ، و من حق جميع السودانيين القتال في كل المحافل حتى لا يكون مصيرهم عشرون عاماً كما حدث لأهل دارفور و ما دام العدو واحداً.
وقد أظهرت الأحداث الأخيرة أنه ليس من مصلحة السودانيين إطلاقاً أن تكون الدولة مهتزة ، بل يجب أن تظل فاعلة بجميع أجهزتها ومؤسساتها وشركاءها وان كانوا متمردين عليها في السابق، واليوم عادوا للمشاركة في صناعة المشروع الوطني ، هذه مسائل جوهرية من الأفضل إعادة النظر فيها للجميع. لقد ثبت أن الخيانة تكون أشد فظاعة عندما تكون في الداخل، كحال “دقلو” وحاضنته السياسية .
وبهذا نختم هذه السلسلة، لنعود إلى سلسلة مقالات “بذرة الكرامة ..حصاد الحرية” ، من كسلا ، كيف تبدو الأوضاع الخدمية، المجتمعية، الأمنية .
محبتي واحترامي
https://www.facebook.com/share/p/9BFSMVyXJBFMWQnu/?mibextid=oFDknk