ليس هناك أدنى شك في منطقية الشكوك المثارة حول دور قيادة الجيش في هذه الحرب اللعينة، هناك كثير من الأسئلة والاستفهامات لم تجد الإجابة منذ الساعات الأولى للانفجار، هناك أسئلة متراكمة تتعلق بعدد من العمليات العسكرية الكبيرة ظلت بلا إجابات، وبين طيّات قرارات انسحاب الفِرق استفهامات أكبر، وجميعها بلا إجابات، وحتى مجالس التحقيق التي تشكلت هاهي معلقة بلا نهايات.
أما مقولة الجيش تفاجأ بالحرب ومحاولة تصوير أنه ضحية فهي من عمق فن قيادة القطيع التي تسيطر على المشهد الآن لمنح الجيش شيكاً على بياض وإعفائه عن مسؤوليته الأخلاقية والدستورية في حماية المواطنين.
من نافلة القول الإشارة إلى أن الطرفيْن؛ كانا في حالة استعداد معلن، والمظاهر العسكرية في شوارع الخرطوم ليست خافية على أحد وحركة نقل مقاتلي قوات الدعم السريع من دارفور إلى الخرطوم كان الجميع يتابعها، وفوق ذلك؛ الحرب الكلامية الطاحنة اليومية على مسرح الخراب الوطني.
في معرض التبرير لوضع الجيش..قال الفريق ياسر العطا؛ مساعد القائد العام للجيش في تصريحات حديثة إن قوات الدعم السريع لديها 120 ألف مقاتل مقابل 37 ألف مقاتل في صفوف القوات المسلحة، وقال العطا إن قوات الدعم السريع قبل الحرب أضافت 46 ألف مقاتل، وأنها خلال الأسبوع الواحد تُجند مابين (7 – 9) آلاف مقاتل. لكن العطا يبشر بالنصر رغم ذلك.
كيف ذلك؟ بأي معادلة، وبأي منطق؛ الـ 46 ألف التي أضافها الدعم السريع لقواته كانت أمام سمع وبصر القيادة، فإن كانت القيادة غير قادرة على وقف تدفق المقاتلين إلى الخرطوم -حينها- أو قادرة لكنها غاضة الطرف، فكيف لها أن تنتصر الآن، بأي منطق؟
وقبل العطا قالها الفريق شمس الدين الكباشي أمام مناوي وجبريل قبل ساعات معدودة من الانفجار؛ أن حميدتي يخطط مع ضباط في الجيش لانقلاب، ووفقاً لرواية مناوي التي نشرها ”سودان تربيون“ -وقتذاك- أن جبريل سأل الكباشي؛ أين الاستخبارات؟ وهذا السؤال ظل بلا إجابة في ذلك المجلس وحتى الآن.
لمن يشكو العطا أو الكباشي أو حتى قائد الجيش؛ عبد الفتاح البرهان، لمن الشكوى وهم قادة الجيش؟
قيادة الجيش هي المسؤول الأول عن كل ما جرى ويجري، ليس فقط لأن الجيش حصّن نفسه داخل ثكناته وترك المواطن يواجه صنيعه وأفعاله البشعة التي لم تترك مالاً ولا عرضاً لمواطن إلا وفتكت به.
لطالما أن الجيش عجز عن حماية المدنيين ينبغى أن يتحلى بشجاعة القرار لوقف هذا الجحيم الذي لم يترك شبراً آمناً في هذه البلاد.