*حد القول بقلم : حسن السر الجزيرة… أرض الخير التي لا تنكسر*

:

ولاية الجزيرة، قلب السودان النابض، ليست مجرد مساحة جغرافية؛ إنها رمز للحياة، الفن، والإرادة التي لا تنكسر. يطلق عليها أهلها أسماء متعددة تعبّر عن عمق ارتباطهم بها: أرض الخير بما تحمله من خصوبة زراعية جعلتها سلة غذاء السودان، أرض المحنة بما واجهته من تحديات جسام، ومدينة ود مدني التي تستقبل زوارها بابتسامة خفيفة تحمل شعارها الشهير: ابتسم أنت في مدني.

أرض الشهداء والصمود
– رغم ما واجهته من محاولات قمع وقتل ونهب على يد مليشيات الدعم السريع الجنجويد الإرهابية، بقيت الجزيرة شامخة.
– لم تستطع هذه المليشيات أن تطمس جمالها أو تكسر إرادة أهلها.
– دماء الشهداء التي روت أرضها أصبحت رمزًا للحرية والكرامة، وعنوانًا لصمود لا ينكسر.

أرض الوطنية والعلم
الجزيرة لم تكن فقط أرض زراعة وفن، بل لعبت دورًا محوريًا في الحركة الوطنية ونيل الاستقلال. من مدنها وقراها خرجت قيادات سياسية ومفكرون ساهموا في صياغة الوعي الوطني، وكانت ود مدني منبرًا للنقاشات الفكرية والسياسية التي غذّت روح التحرر.

كما أن الجزيرة أنجبت علماء وأطباء بارزين أسهموا في بناء الدولة السودانية الحديثة، ورفدوا المجتمع بعقول نيرة في مجالات الطب، الزراعة، والهندسة. ويظل صرح جامعة الجزيرة شاهدًا على هذا الدور؛ فهي واحدة من أهم الجامعات السودانية، خرّجت آلاف الطلاب الذين حملوا مشاعل العلم والمعرفة إلى كل أنحاء الوطن، ورسخت مكانة الجزيرة كمنارة للعلم والفكر.

أرض الخير
– مشروع الجزيرة الزراعي، أحد أكبر المشاريع الزراعية في إفريقيا، جعل من الولاية مركزًا اقتصاديًا مهمًا.
– أراضيها الخصبة أنتجت القطن والقمح والخضروات، وأسهمت في إطعام ملايين السودانيين.
– الطبيعة الخضراء الممتدة جعلت منها لوحة جمالية لا تُمحى.

أرض الإبداع
الجزيرة لم تكن يومًا مجرد أرض زراعة وخير، بل كانت أيضًا أرضًا للإبداع بكل أشكاله. في ود مدني، تفتحت مواهب الفن والموسيقى، فخرج منها كبار الفنانين الذين حملوا صوت السودان إلى كل بيت، وجعلوا من أغانيهم مرآةً لوجدان الناس. من أبرز هؤلاء:

– محمد الأمين، أيقونة الغناء السوداني وصاحب الصوت الدافئ والألحان المميزة.
– إبراهيم الكاشف، رائد من رواد الغناء السوداني وصاحب بصمة خاصة في الموسيقى.
– الطيب سمسم، الفنان الشعبي الذي بزغ نجمه من الجزيرة وأسهم في إثراء الساحة الغنائية.
– محمد إدريس، صوت المزارعين وأحد رموز الإبداع في الجزيرة، الذي اشتهر بأغنيته الخالدة في الجزيرة نزرع قطنا.

وكما أبدعت الجزيرة في الفن، أبدعت أيضًا في الرياضة. ود مدني أنجبت عمالقة الكرة السودانية الذين صنعوا تاريخًا خالدًا في الملاعب، من خلال أنديتها العريقة: الأهلي سيد الأتيام، الاتحاد، وجزيرة الفيل. ومن بين صفوفها خرجت أسماء لامعة مثل سليمان فارس، حمد والديبة، عصام غانا، والي الدين وغيرهم ممن رفعوا راية الكرة السودانية عاليًا. الرياضة في الجزيرة لم تكن مجرد منافسة، بل كانت انعكاسًا لروح الجماعة والإصرار، حيث جمع اللاعبون بين قوة المهنة ورشاقة الأداء، ليجسدوا أصالة مجتمع لا يعرف الانكسار.

الإرادة والقوة
– أهل الجزيرة واجهوا المحن بصبر وقوة، وأثبتوا أن الأرض لا تُهزم إذا كان أهلها متمسكين بها.
– الإرادة الشعبية كانت أقوى من أي محاولة لطمس الهوية أو سرقة الموارد.
– الجزيرة اليوم تقف شاهدة على أن الجمال والكرامة لا يمكن أن يُمحيا بالقوة.

آخر القول
ولاية الجزيرة ليست مجرد ولاية سودانية؛ إنها قصة وطنية تختصر معاني الخير، الفن، الصمود، والعلم والشهادة. مهما حاولت قوى الظلام أن تخفي نورها، تبقى الجزيرة أرضًا لا تنكسر، وأهلها عنوانًا للإرادة التي تنتصر دائمًا.

كسرة
في الجزيرة نزرع أرضنا
نزرع، نترَب، نحقق أملنا

مقالات ذات صلة

Optimized by Optimole